Page 62 - merit 54
P. 62

‫العـدد ‪54‬‬                                  ‫‪60‬‬

                                                                                ‫يونيو ‪٢٠٢3‬‬

‫محمد الشحات‬

‫ثلاثة مشاهد حياتية‬

      ‫المشهد الثاني‬                                          ‫انفضوا عن ُه‪،‬‬                      ‫المشهد الأول‬
                                                                 ‫فلم يب َق‬
                ‫حمل وعا َء أخيه‬                                                                             ‫أوق َد ِمشع َله‪،‬‬
         ‫وحاول أن يسك َن داخ َل ُه‬         ‫سوى ما امتلأ بداخله من ذكرى‬                                     ‫وص َّب الشا َي‬
       ‫بعض فتا ٍت من خب ٍز وإدا ٍم‬             ‫حاول أن يحتال على جلستِ ِه‬                    ‫إذا ما انخرطت أربعة فناجين‬
                                                         ‫فاتجه إل ٰى المذيا ِع‬                            ‫ووعا ٌء من تم ٍر‬
                        ‫ويقلِّ ُبها‬               ‫أدار ُمؤ ّشر ُه بين محطا ٍت‬
‫ويرش عليها ما أمك َن ُه من بسما ٍت‬                              ‫ومحطات‬                                           ‫وحكايا‬
                                                 ‫فالتهبت كل جراح سكن ْته‬                               ‫حاول أن يخر َجها‬
  ‫حتى حين تم ُّر إلى جو ِف صب ٍي‪،‬‬                 ‫فحرك رغبته في أن يبكي‬                                 ‫من أغوا ِر الذاكر ِة‬
                         ‫ُتفر ُح ُه‬                                 ‫فبكى‬                    ‫وجل َس بهيئتِ ِه منتظ ًرا َمن يأتي‬
                                                     ‫من سيد ُّق عليه البا َب‬                             ‫لم ينتبه إليه أح ٌد‬
 ‫احتال الليل َة أكث َر من ك ِّل الليلا ِت‬                  ‫ويجبر خاط َر ُه‬                             ‫ظلت أكوا ُب الشا ِي‬
        ‫فإ َّن خزي َن البي ِت تلاشى‬                 ‫زاد الأصحا ُب وفاضوا‬                               ‫وما بق َي من التم ِر‬
        ‫وأنا لا أحتم ُل دمو َع أخي‬                   ‫حتى مل ُأوا ك َّل الأيا ِم‬
                                                        ‫وحين احتاج إليهم‬                                  ‫تنادي صاح َبها‬
‫ودعا ُء الجدة يرتط ُم بسقف الغرف ِة‬                                 ‫غابوا‬                   ‫لممث َليماتلللي ِلئ ِةالصد ُر بمرارة غربتِه‬
                    ‫ويعود إليها‪،‬‬
                                           ‫كنت أحاول أن أرتك َن إلى الذاكر ِة‬                  ‫شعر بأن الدنيا قد انفضت‬
             ‫من كثر ِت ِه لم يصع ْد‬                                 ‫فمل ُت‬                  ‫فإذا ما جل َس ليرتشف الشا َي‬
            ‫هل نفدت ك ُّل الأدعي ِة‬
           ‫وخاب الظ ُّن بما تنطقه‬                        ‫أص ّر ْت أن أُغل َقها‬                ‫ويأك َل ما يكفيه من التمرا ْت‬
         ‫حتى كد ُت أش ُّك بقدر ِتها‬           ‫فلم يأ ِت إليها أح ٌد منذ سني ٍن‬                         ‫يغلق عيني ِه ويغفو‬
        ‫كان الجد ُب قد استشرى‬
   ‫وسنو ٌن عجفاء زادت عن سب ٍع‬                                ‫ظل على أم ٍل‬                         ‫لم يمتل َئ بحز ٍن أحر َق ُه‬
           ‫والجد تعثَّر في ِمشيتِ ِه‬       ‫أن ُيفر َغ أح ٌد باقي أكواب الشاي‬                               ‫كما امتلأ الآ ْن‬

                   ‫فارتكن برك ٍن‬                      ‫ويعو ُد ليوق َد ِمش َع َل ُه‬                  ‫فلقد غادر ُه الأصحاب‬
 ‫يصطا ُد من الذاكرة سني َن الفر ِح‬
   57   58   59   60   61   62   63   64   65   66   67