Page 63 - merit 54
P. 63

‫‪61‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫شعر‬

   ‫عن أشبا ٍح حاو َل أن يطردها‬               ‫وألقى بغلته في حجر أبي ِه‬       ‫وينثرها في أركان البيت‪ ،‬فتأبى‬
                 ‫لك ْن لم يمكنه‬                      ‫حتى ابتهج الج ُّد‬                          ‫فيعيد ال َك َّر َة‬
                                                      ‫وعابث سبح َت ُه‬              ‫ما أقسى لحظ َة أن تنكس َر‬
         ‫حدثني دون عتا ٍب من ْه‬                                              ‫وأن تستشع َر أنك منزو ُع القدر ِة‬
             ‫فيما كان الضع ُف‬            ‫واختلطت أفرا ٌح بد َخا ِن شوا ٍء‬          ‫وأبي حمل الحز َن وغاد َر‬
                                                          ‫غاب كثي ًرا‬
        ‫يدق برفق كي يسكنني‬                                                                  ‫حاول أن يأخ َذ ُه‬
      ‫فأحاول أن أنف َض ما علق‬                       ‫وامتلأ وعاء أخي‬          ‫ولا يتركه يمر ُح في أرجا ِء البي ِت‬
                                                             ‫ففرحت‬
                     ‫بصدرينا‬                                                                      ‫فلم يقد ْر‬
     ‫كنت أحاول أن أصن َع وطنًا‬             ‫المشهد الثالث‬                                   ‫فاقتن َع بجز ٍء من ُه‬
                                                                                                  ‫وأمي‪،‬‬
         ‫يخلو من أدرا ٍن تزح ُف‬                ‫حدثني طفلي عن أشيا ٍء‬         ‫حملت ك َّل ِجرار البي ِت الفارغ ِة‬
                  ‫في شربة ما ٍء‬                          ‫لا أنتب ُه إليها‬
                   ‫قطعة خب ٍز‪،‬‬                                               ‫لتملأها بالأم ِل‬
                                                  ‫لم ألتفت لما يصن ُع ُه‬
    ‫ثوب يستر أكث َر مما يكش ُف‬          ‫فكثي ًرا ما حطم ُت الفر َح بداخل ِه‬  ‫فعاندها واستعصى‬
       ‫نخرج من أسوا ِر الظلم ِة‪،‬‬
              ‫من أنفاق الخو ِف‬              ‫حدثني عن ضع ٍف يسكن ُه‬           ‫فالتفتت لأخي وبقايا فر ٍح‬
                                       ‫لن يخر َج منه إلا حي َن أم ُّد يدي‬    ‫كان أبى يخفيها بخزانة ملبسه‬
  ‫وأن نمل َك قدرتنا في أن نختا َر‬    ‫عن فر ٍح يمرق خار َج أسوا ِر البي ِت‬                 ‫ودعاء الجد ِة‬
                    ‫ولا نحتا ُر‬
                                                           ‫ولا يدخلُ ُه‬                   ‫وذهبنا للنه ِر‬
                ‫و نحيا كالبش ِر‬             ‫حدثني عن أزها ٍر يزرعها‪،‬‬
‫نبحث عن طاق ِة نو ٍر كي لا نتعث َر‬                                                        ‫لنشك َو‬
                                                         ‫لك ْن لا تنب ُت‬     ‫كان اليوم قد انتص ِف‬
                  ‫كان يحدثني‬                           ‫وكثي ًرا ما نا َم‬
     ‫وأنا أعرف أكثر مما يعر ُف‬             ‫ولم تمرق في عيني ِه الأحلا ْم‬     ‫وكانت إشعاعا ٌت من و َه ِج‬
                                                 ‫نبهني‪ ،‬لك ْن لم ألتفت‬                ‫الشم ٌس‪،‬‬
      ‫فأحاول أن أخفى ضعفي‬            ‫وحدثني عن قل ٍب يرتجف ويخف ُق‬           ‫تغازل سط َح النه ِر‬
  ‫ما أحدثة القه ُر وويلا ُت الظل ْم‬         ‫ويخاف على دف ِء مشاعر ِه‬         ‫وكان أخي يتخ ّف ُز‬
‫كنت أرى ما سوف يجي ُء بعينك‬                 ‫خشي َة أن تتجم َد أو تتبخ َر‬     ‫ما إن أرخى سنار َت ُه‬
                                           ‫عن أعوام طفولته إذ هربت‬                           ‫حتى بدأ الغم ُز‬
                     ‫لا تغلقها‬                ‫حدثني عما أسق َط ُه عم ًدا‬        ‫وما إن سافرت الشم ُس قلي ًل‬
          ‫واتركني أبح ُر داخلها‬                   ‫من قامو ِس طفولتِ ِه‬       ‫حتى كان القل ُب قد ابتهج سرو ًرا‬
      ‫فأنا آخذ منها نو َر طريقي‬                     ‫عن خو ٍف يسك ُن ُه‬
   ‫لا تحزن حين أشد عليك لكى‬                    ‫من أن براء َت ُه قد تغر ُب‬          ‫وازدحمت سل ُتنا بالأفرا ِح‬
                                          ‫وتفر سنين اللهو ولا يلحقها‬                     ‫وعدنا‬
                        ‫تشت َد‬           ‫فلم يل ُه كما تلهو الأطفال أما َم‬   ‫أدخنة شوا ِء السم ِك‬
     ‫وأعرف أن الوق َت قد انفل َت‬                                             ‫تعانق أغني ًة تطلقها أمي‬
      ‫ولكني أعرف قدرتك على‪،‬‬                                    ‫البي ْت‬       ‫وتعو ُد البسم ُة ناحي َة الج ِّد‬
                                           ‫خو ًفا من مجهول لا يعرفه‬             ‫وما زالت أدعي ُة الجد ِة‬
                    ‫أن تنهض‬              ‫وبأن الذاكر َة ستمتل ُئ بأشياء‬
        ‫فانهض من نقط ٍة ضو ٍء‬                                                ‫تملأ كل مسامعنا‬
         ‫تنبت من وسط الشف ِق‬                               ‫لا يرغبها‬
   ‫ولا يحزنك تقلب وجه زمان َك‬        ‫ويخاف بأن ينفل َت الشي ُب بداخلِ ِه‬                  ‫ويد ُّق البا ُب‬
                                                                                          ‫لقد عاد أبي‬
                  ‫اصنع يو َم َك‬            ‫أو أن يكبر قبل أوا ٍن يجهلُ ُه‬
       ‫واقهر ضعف َك‪ ،‬واذكرني‬                                                   ‫الف َر ِح‬  ‫وعل ْت ُه طيو ُر‬
                                                                             ‫بخاط ِر ِه‬   ‫لقد جبر الله‬
         ‫حين يح ُّن عليك الوق ُت‬
    ‫وتجلس كي تلتق َط الأنفا َس‪،‬‬

                 ‫لتكمل رحلتكا‬
   58   59   60   61   62   63   64   65   66   67   68