Page 100 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 100

‫العـدد ‪24‬‬   ‫‪98‬‬

                                                     ‫ديسمبر ‪٢٠٢٠‬‬

‫منى ياسين‬

‫ساكن أحلامي‬

        ‫فهو حاد حتى في رومانسيته‪ .‬إحساسي به‬           ‫استيقظت على صوت هاتفها النقال ينبئها باستقبال‬
 ‫كإحساسي بما كنت أدرسه في المدرسة والجامعة‪.‬‬              ‫رسالة‪ ،‬نصها «صباح الخير يا ُمهرتي الحلوة»‪.‬‬
 ‫جاف‪ ،‬خا ٍل من الروح‪ .‬هو لم يرقني على أية حال‪.‬‬
                                                       ‫تبتسم‪ ،‬تضع الهاتف بجانبها على الوسادة‪ ،‬ترجع‬
    ‫تمنيت أن أقرأ لك بالعامية‪ ،‬علها تمسني وتصل‬          ‫لحلمها من جديد‪ ،‬تحاول استعادة تفاصيله؛ علها‬
 ‫إل َّي‪ ،‬ولكن كيف لأستاذ اللغة الأول‪ ،‬أن يكتب سوى‬        ‫تستطيع إكماله‪ ،‬لكن دون جدوى فقد استيقظت‬
                                                     ‫بالفعل‪ .‬تستسلم‪ ،‬تفتح عينيها ُمبتهجة لرؤيته‪ ،‬تلقي‬
           ‫بالفصحى المعقدة‪ ،‬الخالية من الجاذبية‪.‬‬      ‫تحية الصباح كأنه أمامها‪ ،‬تحكي عن إحساسها به‬
  ‫هل تعلم ِ َل كنت أطلب منك أن تقرأ عليَّ ما تكتب؟‬
‫لأن في قراءتي المنفردة‪ ،‬لم أكن أفهم معنى الكلمات‪.‬‬                     ‫الذى لم يتوقف لحظة منذ الفراق‪.‬‬
                                                     ‫أتعجب من رؤيتي لك في المنام أمس‪ ،‬أنت تعلم قط ًعا‬
            ‫فقراءتي كانت تختلف عما تريد قوله‪.‬‬
  ‫أما نطقك للكلمات فكان يوضح الصورة‪ ،‬فتشكيل‬            ‫أنك بخيل في زيارتك لي في أحلامي‪ ،‬لهذا لم أتوقع‬
                                                     ‫أن أقضي ليلتي معه ثم ألقاك أنت‪ .‬أظنك لا تدري أن‬
                   ‫الكلمات وحده لم يكن يكفيني‪.‬‬
‫أعتقد أن ما تكتبه قد ُيدرس يو ًما ما‪ ،‬إذا ما استمرت‬    ‫سر إعجابي به لأنه يشبهك‪ ،‬باﻷدق يكمل علاقتي‬
                                                          ‫بك‪ .‬تمنيت أن أعرفك به ليحدث بينكما مناظرة‬
               ‫الخطة التعليمية بهذا الشكل العقيم‪.‬‬
    ‫أما هو فقلمه رائع بحق‪ .‬ما أعجبت به‪ ،‬ولا لفت‬        ‫ما‪ ،‬ترى إذا حدث تح ٍّد بينكما سواء فى الحوار‪ ،‬أو‬
                                                      ‫الكتابة‪ ،‬أو حتى في لعبة الشطرنج من يربح وقتها؟‬
      ‫نظري إليه‪ ،‬إلا لجمال كلماته‪ ،‬وصور تعابيره‬
                             ‫الرشيقة و بلاغتها‪.‬‬                      ‫أثق بكما كثي ًرا لكن ثقتي بك أكبر‪.‬‬
                                                                                ‫أنت ستهزمه بالتأكيد‪.‬‬
 ‫عاشقة أنا لما يكتب‪ ،‬ويخطه قلمه‪ .‬لا أفضل عاميته‪،‬‬
               ‫فهو بها كرجل سوقي فاقد للبريق‪.‬‬        ‫هل تعلم أن مكانك عندي لم ينافسه أحد‪ ،‬ولن يأخذه‬
                                                                     ‫أحد‪ ،‬فأنت في أعماق القلب ساكن‪.‬‬
 ‫أفضله بالفصحى‪ ،‬فهي تجعله كالغواص يستخرج‬
    ‫لآليء اللغة‪ ،‬ومرادفاتها جديدة الاستخدام‪ ،‬قلمه‬        ‫يأتي من يأتي‪ ،‬ويذهب من يذهب‪ ،‬وتظل وحدك‬
                            ‫ُمثير‪ ،‬و ُممتع‪ ،‬وقوي‪.‬‬    ‫محتف ًظا برونق المكان‪ .‬لا ينافسك فيه أحد ولا يجرؤ‬
     ‫هو رآني كأنثى‪ ،‬حادثني‪ ،‬وشعر بالإعجاب بي‬
                               ‫وصارحني بذلك‪.‬‬             ‫على الاقتراب منه أحد‪ ،‬وكأن قلبي قد بنى ُغرفة‬
                                  ‫عكسك تما ًما‪..‬‬      ‫سرية‪ ،‬ووضعك فيها‪ ،‬وترك فراغ المكان المتبقي لمن‬
   ‫أنت لم ترني أنثى قط‪ .‬كنت تعاملني كصديقة‪ ،‬أو‬
                                                                                        ‫يريد النزول‪.‬‬
‫شقيقة‪ .‬تحكي عن مغامراتك النسائية‪ ،‬وتعرفني على‬             ‫هل تعلم بأنني لم أعجب بقلمك يو ًما‪ .‬لم يثرني‬
                   ‫كل فتاة جديدة قائ ًل‪« :‬أختي»‪.‬‬
                                                            ‫لقراءته رغم تمكنه‪ ،‬وحرفيتك في استخدامه‪.‬‬
    ‫لكنك لم تكن لي أ ًخا قط؛ فأنا لا أغير على أخوتي‬                       ‫كنت أقرأه فقط لأنه يخصك‪.‬‬

                                                     ‫قلمك لم يكن للجميع‪ ،‬هو لمتذوقي اللغة ومحترفيها‪.‬‬
   95   96   97   98   99   100   101   102   103   104   105