Page 102 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 102
العـدد 24 100
ديسمبر ٢٠٢٠
بيان أسعد مصطفى
( الأردن)
ُحلم
فمع الانتقال إلى بيت جديد تضطرب الأشياء بدأ الأمر عندما استيقظت من الحلم الغريب الذي
وتتراكم بلا تنظيم ،وبعد أن انتهت عادت من كانت تدور به على أرض مزخرفة ،كانت كل الوقت
الشرفة واستلقت على ظهرها على البلاط مباشرة
وأخذت تحدق بالسقف لا تفكر بأي شيء ،إن أقل تدور ولا ترى شيئًا ،واقع الحلم يشير إلى أنها
كانت عمياء ،لا صلاة تربطها بضوء ،إنه ظلام
شيء تفعله هو المبالغة في كل شيء. دامس ولكنها كانت تدور ،لم يأمرها أحد بالقيام
-هل وجد ِت به ندو ًبا؟ بذلك ولم ينبهها أحد .حصل ذلك فحسب ،وعندما
-ماذا؟ لم أره.. استيقظت من الحلم بدا الأمر أشبه بولادتها من
جديد ،كأنها خرجت من نفق مظلم لترى الضوء
-كيف هذا؟! إنك تنظرين إلى السقف منذ ساعة
تقريبًا. ساط ًعا في غرفتها ،إنها الشمس.
صنعت قهوتها وح ّدقت بالساعة بعد ذلك ،لم
-أفكر في شيء آخر. تفضل أن تكون الواحدة ظه ًرا ،فقد كانت تخطط أن
-اليوم ستلتقي العائلة مساء ،لن تتأخري أليس تستيقظ العاشرة صبا ًحا ،لا بأس ،إنه أول شيء
تحدق به ،بقيت تتمعن الساعة لوقت طويل ،إذا مر
كذلك؟! أحد ونظر إليها سيحسبها تتمعن بلوحة .حركاتها
-لن أتأخر. غير منتظمة أب ًدا؛ فبعد أن انتهت وقفت سري ًعا
كل شيء في هذا البيت يحدث صري ًرا ،حتى
أنفاسها؛ فهي ثقيلة للغاية ،دائ ًما ما نرى وجهها وفتحت الستارة بأكملها لا تنظر إلى شيء.
مرتب ًكا أي ًضا ،عيناها خجولتان على الدوام ،كأنها ذلك الحلم أرخى ظلاله على بقية يومها وربما
مذنبة ،تنظر إلى الجميع بتلك النظرات حتى مع أيامها القادمة ،إنها ليست المرة الأولى التي يوجهها
من تكرههم .لقد تركها الجميع حتى قبل أن تبكي، حلم .إنه ليس بالأمر الهيّن .صور وأمور قد حدثت
وإنها باستمرار حين تزيح الستارة تتفاجأ عندما ولكنها لم تحدث ،سيتشوش دماغها بالتأكيد ،إن
ترى الشمس ،وكأن كل شيء انزاح من مكانه، ذلك يحتاج وقتًا ،لتستفيق يأخذ الأمر معها مدة
وكلما رأت أح ًدا يصير يتحدث إليها ويسألها أسألة طويلة ،وكيف إذا أرادت أن تستفيق مرتين .حدث
بديهية إجابتها سهلة ومباشرة ،لأنه قد حصل مرة أن حلمت أن ضو ًءا مخبأ في جرة أسفل النهر،
ونسيت موق ًفا مه ًّما يتعلق بالحياة الواقعية كثي ًرا ثم حال ذهبت إلى النهر انفجرت الجرة وتلاشى كل
وليس بها بطريقة مباشرة فصارت كل حياتها شيء ،وعندما استفاقت لم تر أي نهر ولا أي شيء
تثبت أن ذاكرتها جيدة ،مع أنها بذات الوقت لا من ذلك ،وإنما رأت قطتها الغافية على وسادة قديمة
تأبه بشيء ،إنها ركام قلبها وأخف ما قد تحمله عند الباب .الأحلام أحيا ًنا توترنا خاصة عندما
العاصفة .تهتم بالجميع ثم إنها دائ ًما ما تدرك أنها
إطار هذا المجتمع ،الجميع داخل الإطار يتحرك، تكون بفقد إحدى الحواس.
يقفز ،يعبر إلى الجهة الأخرى ،يصرخ ،تسمعه ثم لا دق منبه هاتفها يذكرها بسقاية النبات على شرفتها،