Page 103 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 103
101 إبداع ومبدعون
قصــة
يلمع بطريقة مربكة ،الساعة الجديدة ليست جميلة، تفعل شيئًا ،لقد وقفت في نقطة زمنية معينة لا تهتم
طلبت من الخادمة أن تحضر لها فنجان قهوة إلى بشيء ،إنها قاسية كالمسمار الذي يعلق لوحة .بقي
الحديقة ،كانت تسير وفي رأسها أفكار كثيرة؛ ساعة ..لم تشعر بالوقت كيف م ّر .الجميع سيتصل
صارت تفكر أنها ربما تكون التوأم الروحي للمثل بها بعد قليل ليذكرها بالموعد وهي ستثبت لهم أنها
الأمريكي آدم درايفر ،لا تعلم عنه الكثير ولكنها
تشعر بأنه يتشارك معها أشياء كثيرة .إنها تمقت لم تن َس الموعد.
الكثير من الأشياء ،أشياء بها أي ًضا ،حتى إنها لا ذهبت لتتجهز ،اختارت الفستان ،وضعت القليل
من الماكياج ،نظرت طوي ًل إلى عينيها في المرآة وهي
تحب نفسها في كثير من الأحيان وتحب من يؤذيها، تضع الكحل وبعد أن انتهت أي ًضا .وكما توقعت
وفجأة أدركت أنها لا تحب ذلك الشخص الذي بدأت الاتصالات“ ،حسنًا ،أعلم ،أنا جاهزة تقريبًا،
قابلته لأربع سنوات في نفس الحديقة ،لم قررت
الارتباط به؟! لا تعلم ،إن الأرض تحت قدميها بعد قليل سأخرج باتجاهكم ،مع السلامة”.
قبل أن تغلق باب بيتها انتبهت إلى كثرة الألوان في
ليست ثابتة .وإذا وقعت القهوة التي ستشربها بعد
قليل على الأرض ستصنع منها لوحة ،لون الضوء غرفة الاستقبال؛ أزرق ،بني ،ذهبي ،أخضر ،ولم
تعلم ل َم رأت أي ًضا تموجات من الوردي على الحائط،
في الممر يساعد على ذلك (أصفر باهت) .تذكرت
حل ًما آخر؛ إذ اندلقت القهوة من سقف محل بيع “لا بأس سأهتم بذلك حين أعود”.
القهوة على رأسها وكتفيها ،كان حل ًما جمي ًل لو أنه الرصيف مبتل ،ثم إنه يتقعر أكثر فأكثر ،كل شيء
يتحقق ،كان للحلم رائحة ،أول مرة يحدث ذلك ،إ ّن
الأحلام دائ ًما ما تكون أجمل وكذلك الخيال ،إنها تنظر إليه يتقعر ،عمود الإنارة منزاح قلي ًل إلى
تحس بخدر بكل جسدها .إن قوة أخرى تحركها، الشارع ،الفتاة التي تتحدث عبر الهاتف عيناها
تفعل كل شيء تحت ظل ذلك الخدر ،لقد صارت حزينتان للغاية ،لا بد أن الجميع حزين ،فهناك
عديمة المشاعر ،فمع الزمن تتباطأ مشاعرنا وأحيا ًنا سائق الدراجة أي ًضا قد رفع القبعة عن رأسه
تنتهي ..إن فاص ًل واح ًدا يؤدي إلى ذلك .ما بين وسري ًعا مسح عينيه بيديه قبل أن تضيء الإشارة
الحماس والتبلد مزاج ،وأحيا ًنا يتدمر ذلك المزاج، لونها الأخضر ،نظرت إلى الساحة الفارغة هناك،
على الصخرة جلست قبل يومين هي وصديقتها ،ثم
ونبقى مع قلوبنا التي توزع الدم في أجسادنا تخيلت نفسها تجلس عليها وحدها ،استوقفها هذا
فحسب .نتشارك اليقين وأشياء سيئة ،نتشارك الأمر؛ لا تعلم لم تتخيل نفسها وحيدة في الأماكن
سماع القصص السيئة التي حدثت مع أشخاص التي شغلها الآخرون معها من قبل ،تذكرت أن هذا
طيبين ،تنظر مث ًل إلى الخادمة؛ الأسى مزروع فيها؛ الأمر يخيفها كثي ًرا ،لم تتخيل ذلك؟! الزاوية هناك
تشربه وتقتات عليه ،ليس عندها متسع من الوقت التي بجانب بيت العائلة تنقصها شجرة ،ستخبر
للتفكير بالمزاج أو المشاعر ،بل اليقين فحسب ..كل أباها بذلك ،دقت الجرس ،لقد أصبح صوت الجرس
اليقين .كلما تنظر في أعين الناس تحسب السماء رخي ًما ج ًدا وكأن للصوت صورة .دخلت الباب.
الشباك في غرفة الاستقبال عليه آثار يد واحدة،
انزاحت وتركزت في أعينهم. جبين الخادمة يقول“ :السماء عابسة بوجهي
خرجت إلى الحديقة ،وكانت تسمع خطوات الخادمة دائ ًما” ،لا! لقد أوقعت الصينية وانكسرت الكاسات،
الكراسي قديمة لم لا يلاحظ ذلك غيري؟ هل يجدر
وراءها ،تنظر إلى أخيها وتتخيل أشياء لم يقلها بي أن أخبرهم بذلك؟! “ولكن لم لا يجلس الجميع
أحد؛ تتخيله يقول الحياة غربة ،تنظر إلى الباقي على الطاولة؟!” ،سألت الخادمة فأخبرتها أنهم
فلا ترى شيئًا أب ًدا ..لقد تركوا ملامحهم خلفهم فرغوا من العشاء وذهبوا ليجلسوا في الحديقة،
على كراسيهم الفارغة .ركضت نحو أخيها“ .أين بقيت تنظر إلى الخادمة مطو ًل ،إنها تضع ظلا ًل
ذهبوا؟!” .وضعت الخادمة فنجان قهوتها على على عينيها ولكن لونه باهت ،لم تعلم أي ًضا لم رأت
الطاولة أمامها وانسحبت“ .لقد تأخر ِت يا عزيزتي. الكراسي ترتجف ،والشمعدان ،الحائط قبالتها
لم كل هذا التأخير؟!