Page 97 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 97
95 إبداع ومبدعون
قصــة
الحجرة الموضوع فيها الهاتف الأرضي ،بصوت
مرتعش يطلب عربة الإسعاف ،التي تأتي أسرع
مما يتوقع .تتساند على زوجها وهى تتأوه حتى
خروجها من البوابة المفتوحة وركوبها عربة
الإسعاف.
-3
شجرة التين البنغالي الضخمة ُقلِّ َم ْت فروعها
وجذوعها المتدلية بقسوة؛ فج ّفت أوراقها وهجرتها
العصافير .المقاعد صارت بلا لون وفى وض ٍع ر ّث،
جعل الزبائن يهجرون الحديقة إلى أماكن أخرى ،إلا
القليل من المُسنّين الذين يأتون لاستعادة الذكريات
المختبئة في أروقة المكان.
َت ْجلِس الأرملة واضعة نهاية طرف إيشاربها
الأسود على الأنفُ ،متجنِّبة استنشاق الغبار الآتي
مع هبّات رياح الخريف .تش ّد أطراف إيشاربها
الأسود على رأسها ،وتنادي بغضب على ابنها
الذى يحاول تسلُّق شجرة البونسيانا؛ فيقبل إليها
غاضبًا.
معظم شجر الحديقة اُقتلِع ،وأحواض الزهور
ج ّفت لسبب لا يعلمه سوى البستاني الجديد!
والذي لا يه ّمه سوى التوقيع في دفتر الحضور ثم
الانصراف!
ُتحضر الأرملة على الصينية النحاسية طلبات لسيدة
عجوز وزوجها ،ومن غرفة بوفيه الحديقة يأتي
صوت عدوية الراقص يخبر السامعين أن الناس
بالخارج “كله على كله”!
الرياح تسقط عصيًا رفيعة من الفروع اله ّشة
لشجرة التين البنغالي؛ فيلتقط طفلها من الأرض
ع ًصا ،يضعها في فمه كأنها سيجارة ،فتهرول إليه
أمه عندما تراه ،تلطمه على خده ،وتتركه يبكي.
تدخل إلى الغرفة وتخرج إلى رجل كالح الوجه
يجلس بمفرده ،تضع له فنجان القهوة على الطاولة؛
فيحاول ملامسة ك ّفها:
-هل فكر ِت؟
تسحب ك ّفها بسرعة ،وتستدير ُمتأ ّففة من وجهه
الممتلئ بالبثور؛ غير عابئة بالر ّد على كلماته:
-غ ًدا المزاد يا حلوة.