Page 201 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 201

‫‪199‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

    ‫وجد أبا الحسين الجزار‬      ‫اتفق علماء الاجتماع على أن‬       ‫البارافيليا في مصر‪..‬‬
   ‫جال ًسا وإلى جانبه مليح‪،‬‬                                         ‫إشارات من الأدب القروسطي‬
‫فف َّرق بينهما»‪ .‬وعلى العموم؛‬   ‫المقصود بالحياة الاجتماعية‬
  ‫فالتغزل بالغلمان ووصف‬               ‫جميع نواحي النشاط‬         ‫د‪.‬أشرف‬
‫الباه‪ ،‬والاشتياق إلى مباشرة‬                                     ‫صالح محمد‬
‫الغلمان‪ ،‬كل هذه الموضوعات‬      ‫الإنساني بما في ذلك العلاقات‬
 ‫الرئيسة التي تقابل الدارس‬        ‫الجنسية‪ ،‬إلا أن الباحث في‬
  ‫لشعر هذه الفترة‪ ،‬لا تخلو‬          ‫تاريخ الحياة الاجتماعية‬
 ‫منها دواوين الشعراء‪ ،‬وقد‬           ‫المصرية خلال العصور‬
‫أورد الصفدي فيها نصو ًصا‬            ‫الوسطى يجد المعلومات‬
                                  ‫عن هذه العلاقات متناثرة‬
                   ‫كثيرة‪.‬‬          ‫في المصادر المختلفة‪ ،‬نظ ًرا‬
 ‫والأمر الذي لا شك فيه أن‬
                               ‫لارتباط الحياة الاجتماعية إلى‬
    ‫هذه الظاهرة تركت أثا ًرا‬     ‫حد كبير بالتقاليد الشرقية‪،‬‬
    ‫قوية على الذوق الجمالي‬       ‫وما تتصف به هذه التقاليد‬
                                ‫من محافظة شديدة‪ ،‬لاسيما‬
      ‫للعصر‪ ،‬وانعكس ذلك‬         ‫فيما يتعلق بالأحوال العائلية‬
    ‫بدوره على الأدب‪ ،‬فرأينا‬         ‫والمنزلية‪ ،‬ودور المرأة في‬
  ‫أن التغني بجمال الغلمان‪،‬‬        ‫المجتمع‪ ،‬والجنس تحدي ًدا‪.‬‬
  ‫أو التغزل بالمذكر قد احتل‬         ‫ولا يستطيع الباحث أن‬
 ‫مساحة واسعة من غزليات‬          ‫ينكر أن المجتمع في العصور‬
   ‫هذا العصر‪ .‬ولا نبالغ إذا‬         ‫الوسطى عرف العلاقات‬
    ‫ُقلنا إن المرأة قد تضاءل‬      ‫الحميمية المرتبطة بالجنس‬
 ‫نصيبها من الغزل إذا قيس‬          ‫بين جميع الطبقات ُحكا ًما‬
                                  ‫ومحكومين‪ ،‬من أهل الدنيا‬
      ‫بما انساق إليه الأدباء‬       ‫والدين‪ ،‬نرصد هنا جانب‬
  ‫من الفتنة بالجمال المذكر‪،‬‬      ‫من الإشارات المتناثرة عنها‬
  ‫ويكفي للدلالة على ذلك أن‬        ‫الخاصة بالشذوذ الجنسي‬
   ‫نشير إلى أن هناك بعض‬            ‫(البارافيليا) في أدب هذه‬
   ‫المصنفات الأدبية وضعت‬                           ‫الفترة‪.‬‬
  ‫خصي ًصا لذلك‪ ،‬فالصفدي‬                 ‫فقد صور الصفدي‬
                                    ‫(‪764 -696‬هـ) وجود‬
    ‫يقصر مصنفه «الحسن‬             ‫عادة الشذوذ الجنسي بين‬
    ‫الصريح في وصف مائة‬           ‫الشعراء وال ُكتَّاب في العصر‬
 ‫مليح» على التغزل بالغلمان‪،‬‬       ‫المملوكي‪ ،‬وأورد نصو ًصا‬
‫والشهاب الحجازي يفرد في‬          ‫كثيرة في اللواط وغيره من‬
  ‫كتابه «روض الآداب» با ًبا‬      ‫صور الشذوذ‪ ،‬ومن أغربها‬
  ‫كام ًل يضمنه الغزل المذكر‬     ‫وأعجبها الاستمتاع بالغلمان‬
 ‫هذا فض ًل عما تناثر منه في‬
                               ‫المرد؛ حيث روى عن ابن سيد‬
            ‫سائر الأبواب‪.‬‬         ‫الناس اليعمري «أن الشيخ‬
    ‫وقد ندر أن نرى شاع ًرا‬         ‫شهاب الدين بن النحاس‬
   ‫أو كاتبًا لم يدل بدلوه في‬
   ‫هذا المجال‪ ،‬فحب الغلمان‬
   196   197   198   199   200   201   202   203   204   205   206