Page 202 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 202

‫َلئِ ْن َما َت َيا دهان َم ْملُو َك َك‬                                              ‫العـدد ‪24‬‬                              ‫‪200‬‬
                    ‫الَّ ِذي‬
                                                                                                         ‫ديسمبر ‪٢٠٢٠‬‬       ‫ترك آثاره الواضحة على‬
 ‫َب َل َغ ْت ِب ِه ِف ا ْل ِف ْس ِق َما ُك ْن ُت‬                                                                            ‫شعر هذا العصر‪ ،‬وترك‬
                  ‫ُت ْر َت َجى‬                           ‫صاروا من سقط المتاع‪ ،‬لا‬                                       ‫أي ًضا بصمته البينة على النثر‪،‬‬
                                                         ‫ينسبون إلى علم ولا ديانة‪،‬‬                                      ‫فصار الغلمان محو ًرا لبعض‬
‫َف ِم ْثلُ ُه ِبا ْ َلص َبا ِغ َو ْج ًها َو َقا َم ًة‬    ‫وإلى الله المشتكى»‪ .‬وأولئك‬                                     ‫الكتابات النثرية‪ ،‬ومما وقعنا‬
   ‫َو َخ ْص ًرا َو ِر ْد ًفا ُث َّم َعا َي َن ُه‬        ‫الصوفية في عصر المقريزي‬                                        ‫عليه في ذلك مقامتان إحداهما‬
                  ‫وأصلج‬                                ‫هم أغلبية المشاهير في العصر‬                                       ‫لعلاء الدين بن عبد الظاهر‪،‬‬
      ‫وهجا ابن الفوية (ت‪.‬‬                                                                                                ‫والثانية للصفدي‪ ،‬ولا تكاد‬
                                                            ‫المملوكي‪ ،‬والشعر الذي‬                                     ‫تختلف المقامتان في مضمونهما‬
‫‪749‬هـ) شي ًخا صوفيًا رماه‬                                  ‫استشهد به المقريزي مع‬                                        ‫العام‪ ،‬فكل منهما تدور حول‬
    ‫بالشذوذ والقيادة فقال‪:‬‬                             ‫ركاكته وبذاءته ُيلخص معالم‬                                       ‫أحد الغلمان‪ ،‬والاستغراق في‬
   ‫َو َقا ُلوا ال َّش ْي َخ َم ْج َد ال ِّدي ِن‬           ‫الفساد الخلقي في العصر‬                                      ‫هواه‪ ،‬وما شاب هذا الهوى من‬
     ‫َش ْي َخ ا ْل ُج َّها َل ِة َوا ْلبِ َل َد ِة‬       ‫المملوكي‪ ،‬فقد أصبحت تلك‬
                                                         ‫لوازم الشخصية الصوفية‬                                                    ‫صدود وهجران‪.‬‬
 ‫َف ُق ْل ُت َوا ِح ًدا ِف اللِّ َيا َط ِة َو ِف‬           ‫بعد انتشار التصوف في‬                                        ‫أما التصوف‪ ،‬فقد انتشر بين‬
                   ‫ا ْل ِق َيا َد ِة‬                     ‫المجتمع الذي اصطبغ بتلك‬                                        ‫أوساط العامة وغرائزهم في‬

   ‫َو ِزي ُدوا إِ ْن َأ َر ْد ُتم َو َش ْي َخ‬                   ‫الصبغة الصوفية‪.‬‬                                           ‫العصر المملوكي (‪-1250‬‬
              ‫النَّ ْح ِس َزا َد ُه‬                          ‫وفي القرن الثامن‪ ،‬كان‬                                       ‫‪1517‬م)‪ ،‬وقد نقل المقريزي‬
                                                         ‫الشيخ شمس الدين الدهان‬                                         ‫(ت‪845 .‬هـ‪1441 -‬م) رأيه‬
   ‫ومن أهم الفنون الشعبية‬                                ‫(ت‪721.‬هـ)‪ ،‬شاع ًرا يكتب‬
      ‫ذات الطبيعة الملهاوية‬                            ‫الشعر ويقوم بتلحينه فيغنيه‬                                         ‫في صوفية عصره‪ ،‬يقول‪:‬‬
                                                         ‫المطربون‪ ،‬وكان قد اشترى‬                                         ‫وصارت الصوفية‪ ،‬كما قال‬
  ‫الساخرة التي ازدهرت في‬                                ‫مملو ًكا ورباه وأحبّه‪ ،‬ومات‬                                      ‫الشيخ فتح الدين محمد بن‬
 ‫العصر المملوكي «فن خيال‬                               ‫هذا الغلام فرثاه بشعر كثير‪،‬‬                                    ‫محمد بن سيد الناس اليعمري‪:‬‬
‫الظل» أو «ظل الخيال»؛ وهو‬                                 ‫تغنى به المغنون‪ ،‬وبسبب‬                                       ‫ما شرو ُط الصوفي في عصرنا‬
 ‫عبارة عن مسرح عرائسي‬                                     ‫إفراطه في الحزن على هذا‬                                      ‫اليو َم سوى ستة بغي ِر زيا َده‪.‬‬
                                                         ‫الغلام قال له الشيخ جمال‬
     ‫انعكاس ضوئي لدمى‬                                       ‫الدين الخطيب الصوفي‪:‬‬                                          ‫وهي (‪ ).....( )...‬وال ُسك ِر‬
 ‫تتحرك أمام ستارة شفافة‪،‬‬                                                                                                   ‫والسطل ِة والرق ِص والغنا‬
  ‫مرئية لجمهور متذوق‪ .‬إن‬
                                                                                                                                         ‫والقيادة‬
                                                                                                                                      ‫وإذا ما هذى‬
                                                                                                                                     ‫وأبدى اتحا ًدا‬
                                                                                                                                  ‫وحلو ًل من جهلِ ِه‬

                                                                                                                                         ‫أو إعادة‬
                                                                                                                                    ‫وأتى المنكرا ِت‬
                                                                                                                                 ‫عق ًل وشر ًعا فهو‬
                                                                                                                                  ‫شي ُخ الشيو ُخ ذو‬

                                                                                                                                         ‫السجادة‬
                                                                                                                                  ‫ويعلق المقريزي‪:‬‬
                                                                                                                                  ‫«ثم تلاشى الآن‬

                                                                                                                                    ‫حال الصوفية‬
                                                                                                                                  ‫ومشايخها حتى‬
   197   198   199   200   201   202   203   204   205   206   207