Page 120 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 120

‫العـدد ‪23‬‬                              ‫‪118‬‬

                               ‫نوفمبر ‪٢٠٢٠‬‬                     ‫الأصوات التي لا تزال تتردد‬
                                                                                ‫في الغرف‪،‬‬
 ‫بعد قليل خرج ُت إلى الفناء‪،‬‬           ‫يرى النقاد في أمريكا‬
        ‫نظر ُت دون أن أرى‬        ‫اللاتينية أن ألبارو ماتا جيي‬  ‫في دمدمات الظلال الغارقة في‬
                               ‫يمثل جيًل جدي ًدا من الشعراء‬                        ‫التراب‪،‬‬
‫الأشجار المتخفية في الأوراق‬    ‫يتوجهون وجهة جديدة غير‬
                 ‫المتساقطة‪،‬‬    ‫تلك التي سيطرت على الشعر‬              ‫بين الكتب التي يغطيها‬
                 ‫في البعيد‪،‬‬    ‫خلال مرحلة الانفجار الروائي‪،‬‬              ‫الطحالب والرماد‪،‬‬

       ‫بينما كان يأتي المطر‪،‬‬           ‫المتمثل في الواقعية‬            ‫كانت هناك بعض من‬
     ‫بينما كان يغرق الرماد‬      ‫الشعرية في الرواية‪ ،‬والذي‬         ‫ذكريات بين بقايا الكتابة‪،‬‬
     ‫والثلوج تطاردها الريح‬      ‫أثر على الشعر وجماهيريته‪،‬‬       ‫بعض الأوراق المتآكلة بفعل‬
      ‫وصوت تساقط ال َب َرد‪.‬‬      ‫يحاول هذا الجيل استعادة‬         ‫الزمن الساري بين البقايا‪،‬‬

 ‫لقد كان اليوم مثل أي يوم‪،‬‬         ‫الجمهور الذي هجره إلى‬                ‫بسبب ما هو غائب‪،‬‬
‫يو ٌم كنت أشع ُر فيه بالوحدة‪،‬‬       ‫روايات ماركيز وكارلوس‬                    ‫بسبب الفراغ‪.‬‬
                                  ‫فوينتيس وبارجاس يوسا‬                             ‫تعمق ُت‪،‬‬
  ‫لقد كان المسا ُء كأي مساء‪،‬‬
          ‫غار ًقا في الضباب‪.‬‬                       ‫وكورتاثار‬    ‫في ذلك البيت‪ ،‬الذي كنت قد‬
                                                                  ‫خرجت منه مبك ًرا في أحد‬
                 ‫‪-2‬‬                           ‫ألبارو ماتا جيي‬                ‫الأيام مغام ًرا‪،‬‬
                                                                   ‫متخفيًا في الضوء باتجاه‬
                  ‫بعد ليال‬                                                          ‫التلال‬
     ‫من الحوار مع أصوات‬                                            ‫دون أن أعرف من أكون‪،‬‬
                                                                  ‫وماذا أفعل هناك‪ ،‬وما هي‬
                   ‫وظلال‪،‬‬
 ‫مع الجليد‪ ،‬الأريج‪ ،‬وصمت‬                                        ‫ملامحي‪ ،‬ولا ما هو صوتي‪،‬‬
                                                                       ‫متخب ًطا في الجدران‪،‬‬
     ‫أوراق الشجر المتساقط‬                                                        ‫والممرات‪،‬‬
 ‫عد ُت إلى الممرات بين التلال‬
  ‫التي لا يزال يسيطر عليها‬                                     ‫متحس ًسا الألواح المتهاوية في‬
                                                                                  ‫الأرض‪.‬‬
                   ‫النعاس‬
    ‫سر ُت عبر أماكن لم أعد‬                                        ‫كانت لا تزال هناك بعض‬
                                                                                  ‫اللوحات‬
                  ‫أتذكرها‪،‬‬
  ‫خلال ظلال جذوع الغابة‪،‬‬                                                     ‫بعض الأثاث‪،‬‬
                                                                   ‫بعض سيقان الزهور في‬
     ‫عبر السهول المؤدية إلى‬                                     ‫المزهريات بينما كان السرير‬
                 ‫الصحراء‪،‬‬
                                                                          ‫في الغرفة وحي ًدا‪،‬‬
          ‫المؤدية إلى الوهاد‬                                      ‫الصليب المعلق‪ ،‬والشموع‬
          ‫المؤدية إلى البعاد‪.‬‬
                                                                                   ‫المتآكلة‪،‬‬
                ‫عبر الطرق‪،‬‬                                                         ‫الأرفف‬
 ‫كانت بعض الأشباح تطارد‬                                              ‫وبقايا الكتب المحترقة‪.‬‬
                                                                        ‫البيت لم يكن بيتي‪،‬‬
                   ‫الكلاب‪،‬‬                                         ‫لقد كان مكا ًنا بلا مكان‪،‬‬
  ‫والطيور تدخل وتخرج من‬                                                          ‫بلا اسم‪.‬‬
   ‫البيوت المتخفية في الظلال‬

     ‫وتعود إلى الأشجار‪ ،‬إلى‬
   115   116   117   118   119   120   121   122   123   124   125