Page 123 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 123

‫حول العالم ‪1 2 1‬‬

            ‫جون مولان‬              ‫«لاركن» في رسالته‬     ‫باعتباره كاتبًا حقيقيًّا؛ هو‬
                                ‫المذكورة؛ ويعترف بأنه‬         ‫ليس روائيًّا حقيقيًّا»‪.‬‬
      ‫لدرجة أرهقت ديكنز‬          ‫كان يقرأ أعمال ديكنز‬
      ‫لحد كبير‪ ،‬وأوصلته‬         ‫بإحساس من «النشوة‬        ‫وما قاله الشاعر «لاركن»‪،‬‬
   ‫لحافة الانهيار العصبي‪،‬‬                                    ‫ما هو إلا نسخة طبق‬
    ‫ولكنه كان مصم ًما على‬          ‫الطاغية» منذ نعومة‬
‫مواصلتها‪ ،‬بالرغم من ذلك‪،‬‬        ‫أظفاره؛ لكن كان عليه‪،‬‬     ‫الأصل من الاتهام‪ ،‬الذي‬
   ‫من أجل جمع أكبر قدر‬         ‫أثناء ذلك‪ ،‬أن يتغلب على‬         ‫وجهه نقاد عديدون‬
   ‫ممكن من الأموال‪ ،‬التي‬        ‫الفكرة‪ ،‬التي غرست في‬
    ‫كان في مسيس الحاجة‬         ‫ذهنه‪ ،‬فيما بعد‪ ،‬من قبل‬       ‫لديكنز‪ ،‬من أنه لا يزيد‬
‫إليها‪ .‬في عام ‪ ،1869‬أصيب‬      ‫نقاد معينين‪ ،‬بأن كتاباته‬     ‫عن كونه مجرد «مؤلف‬
      ‫ديكنز بجلطة دماغية‬     ‫لم تكن عميقة‪ ،‬أو متطورة‪،‬‬      ‫لكتابات مسلية»‪ .‬فأدبه‪،‬‬
     ‫على خشبة المسرح في‬
  ‫«تشيستر» أثناء أحد تلك‬                  ‫بشكل كا ٍف‪.‬‬         ‫كما كتب «لاركن» في‬
     ‫الجلسات‪ ،‬لكنه رفض‬          ‫يشرح المؤلف ما يعنيه‬       ‫رسالته المذكورة «عبارة‬
     ‫بإصرار‪ ،‬التوقف عن‬         ‫بقوله ‪-‬وهو هنا يتحدث‬        ‫عن ُجرن (مخزن غلال)‬
‫القراءة ‪-‬جزئيًّا بسبب المال‬   ‫عن رواية ديكنز «دومبي‬      ‫ميلودرامي مبهرج‪ ،‬مضاء‬
  ‫كما أسلفنا القول‪ -‬ولكن‬        ‫وابنه»‪« :-‬فموت (بول‬     ‫بالغاز‪ ،‬يتثاءب فيه فلاحون‬
 ‫في الأغلب الأعم‪ ،‬لأنه كان‬    ‫دومبي) على سبيل المثال‬        ‫أجلاف»‪ .‬مع ذلك‪ ،‬وفي‬
  ‫مدمنًا على مسألة التفاعل‬   ‫موصوف بأسلوب عاطفي‬          ‫نهاية كل جمله من جمله‪،‬‬
  ‫الفوري وجها لوجه‪ ،‬مع‬       ‫مفرط‪ ،‬لدرجة أننا ببساطة‬        ‫التي تضمنت استنكا ًرا‬
                             ‫كنا نرفض أن نتأثر‪ ،‬ولكن‬      ‫نقد ًّيا لديكنز‪ ،‬كان تعليق‬
                ‫جمهوره‪.‬‬      ‫ما كان يحدث بعد ذلك هو‬        ‫«لاركن» النهائي مألو ًفا‬
   ‫كانت النقطة البارزة في‬       ‫أننا –وياللعنة‪ -‬نواصل‬   ‫أي ًضا‪ ،‬إذ كان يكتب‪« :‬ومع‬
‫العرض‪ ،‬الذي تناوله ديكنز‬          ‫القراءة‪ ،‬لنجد الدموع‬    ‫ذلك‪ ،‬لا يسعني سوى أن‬
   ‫في تلك الجلسة القرائية‪،‬‬   ‫تنهمر من مآقينا‪ ،‬دون أن‬       ‫أقول إنني قد استمتعت‬
 ‫تتمثل في مشهد قتل «بيل‬       ‫نحس‪ ،‬في نهاية المطاف»‪.‬‬
                                                              ‫كثي ًرا بـقراءة رواية‬
                                  ‫وبالنسبة لويلسون‪،‬‬       ‫(توقعات عظيمة)‪ ،‬وربما‬
                               ‫يعتبر ديكنز رجل إنجاز‬     ‫أجرب قراءة رواية أخرى‬
                              ‫غير عادي‪ ،‬وهو ما دفعه‪،‬‬
                              ‫من أجل التدليل على ذلك‪،‬‬        ‫من رواياته في القريب‬
                                ‫لتخصيص أحد فصول‬                          ‫العاجل»‪.‬‬
                              ‫كتابه‪ ،‬وهو المعنون «سر‬
                              ‫جلسات القراءات العامة»‪،‬‬          ‫غالبًا ما تمتع القراء‬
                               ‫وهي تلك الجلسات التي‬           ‫والنقاد‪ ،‬من أصحاب‬
                             ‫نظمها ديكنز في جولة قام‬       ‫الذائقة والمعايير الأدبية‬
                                ‫بها لأميركا وبريطانيا‪،‬‬     ‫الرفيعة‪ ،‬بقراءة روايات‬
                                                             ‫ديكنز‪ ،‬على الرغم من‬
                                 ‫لتقديم قراءات لأعماله‬       ‫الانتقادات التي كانت‬
                                   ‫المختلفة بنفسه أمام‬     ‫توجه لأدبه بشكل عام‪.‬‬
                                                             ‫وفي كتابنا هذا‪ ،‬يضع‬
                              ‫الجمهور‪ .‬وهذه الجلسات‬     ‫المؤلف «ويلسون» نفسه في‬
                             ‫تعددت خلال تلك الجولة‪،‬‬       ‫صف واحد مع الفلاحين‬
                                                               ‫الأجلاف المتثائبين‪،‬‬
                                                          ‫الذين أشار إليهم الشاعر‬
   118   119   120   121   122   123   124   125   126   127   128