Page 126 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 126

‫‪124‬‬

     ‫نتيجة خطأ من جانب‬               ‫ابنهما الأكبر‪ ،‬في حين‬                           ‫المتوحشة‪ ،‬يحمل في طياته‬
  ‫زوجته البريئة‪ ،‬وأنه كان‬            ‫ُمنع أطفالها الآخرون‬                            ‫طابع «الاحتياجات الأكثر‬
‫الطرف المتضرر من علاقته‬            ‫من رؤيتها‪ ،‬أو الاتصال‬                            ‫عم ًقا لمشاعر كراهية الأم»‪.‬‬
‫معها‪ ،‬لا الطرف الذي ألحق‬            ‫بها‪ .‬ويمضي ويلسون‬                               ‫ويؤكد ويلسون أن «علاقة‬
                                     ‫للقول‪ ،‬إنه قد اكتشف‬                              ‫ديكنز السيئة مع والدته‪،‬‬
     ‫الضرر كما قد يتبادر‬         ‫أثناء الأبحاث والدراسات‬                             ‫كانت هي السمة المميزة له‬
                 ‫لكثيرين‪.‬‬        ‫التي كان يجريها في نطاق‬                            ‫ولفنه»‪ .‬لكن ما عاناه ديكنز‬
                                     ‫الاستعداد لتدبيج هذا‬
‫يعتقد ويلسون أن الغضب‬             ‫الكتاب‪ ،‬أن زوجة ديكنز‪،‬‬                                ‫من حرمان‪ ،‬في حياته‪،‬‬
‫والاستياء‪ ،‬الذي شعر بهما‬          ‫قد حاولت الحصول على‬                                   ‫هو الذي جعل منه‪ ،‬في‬
                                  ‫شهادة بأنها مجنونة من‬                              ‫واقع الأمر‪ ،‬روائيًّا عظي ًما‪.‬‬
   ‫ديكنز تجاه والدته أو ًل‪،‬‬      ‫السلطات المعنية‪ ،‬حتى يتم‬                              ‫ويمكن القول إن مصنع‬
    ‫ثم زوجته بعد ذلك‪ ،‬قد‬          ‫وضعها في مصحة عقلية‬                                 ‫«وارين للورنيش» المظلم‬
‫ألهماه لتأليف أعظم أعماله‬           ‫وتتخلص من عذاباتها‬                                 ‫والكئيب‪ ،‬الذي عمل فيه‬
  ‫الرواية؛ وأنه يجب علينا‪،‬‬        ‫مع ديكنز‪ .‬لم يكن ديكنز‬                            ‫ديكنز‪ ،‬في صباه «قد أنقذه‪،‬‬
   ‫كقراء‪ ،‬أن نكون ممتنين‬          ‫يريد فقط من خلال هذه‬                                  ‫تما ًما مثلما أن المدرسة‬
                                    ‫الإجراءات القاسية مع‬                            ‫الثانوية‪ ،‬وجامعة كمبردج‪،‬‬
      ‫لحقيقة أن شخصية‬                ‫زوجته‪ ،‬أن يكون ح ًّرا‬                             ‫كانا يمكن أن تدمرانه”‪.‬‬
 ‫ديكنز كانت مضطربة على‬            ‫تما ًما في مواصلة علاقته‬                            ‫يقصد من حيث تأثيرهما‬
                                  ‫الغرامية مع نيللي ترنان‪،‬‬
    ‫النحو الذي كانت عليه‪.‬‬          ‫بل أراد‪ ،‬بطريقة ما‪ ،‬أن‬                                 ‫على موهبته الروائية‬
    ‫كما يعتقد ويلسون أن‬           ‫يعلن أن كل ما فعله كان‬                                             ‫الفطرية‪.‬‬
     ‫رواية ديكنز «توقعات‬
 ‫عظيمة» كانت تحفة أدبية‬                                               ‫إيلين تيرنان‬  ‫يأتي بعد ذلك «سر الزواج‬
    ‫لا مثيل لها في تصوير‬                                                                ‫القاسي»‪ .‬لا شيء كان‬
  ‫عذاب الذات‪ ،‬تشكلت من‬                                                                   ‫يمكن أن يلوث سمعة‬
  ‫قساوته‪ ،‬وتعطشه للمال‪،‬‬                                                                ‫ديكنز‪ ،‬أسوأ من تطليقه‬
   ‫والمكانة‪ ،‬وكراهية أفراد‬                                                               ‫العلني (عبر إعلان في‬
 ‫عائلته‪ ،‬وأن كل ذلك انتقل‬
   ‫إلى بيب‪ Pip‬الشخصية‬                                                                 ‫صحيفة التايمز) لزوجته‬
‫الساردة للرواية‪ .‬كما كتب‬                                                               ‫كيت‪ ،‬التي أنجبت له ‪10‬‬
  ‫أي ًضا‪« :‬إن برنام ًجا مفي ًدا‬                                                         ‫أطفال‪ ،‬وعانت من أجل‬
   ‫من العلاج المعرفي‪ ،‬مثل‬                                                            ‫تلبية جميع مطالبه كزوج‬
   ‫ذاك الذي كان سيجربه‬                                                                  ‫لمدة ‪ 22‬عا ًما‪ .‬يقول لنا‬
   ‫معاصرينا‪ ،‬على رجل في‬                                                              ‫المؤلف ويلسون في الكتاب‬
 ‫منتصف العمر‪ ،‬ألحق ذاك‬                                                              ‫إن منزله ‪-‬منزل ويلسون‪-‬‬
 ‫القدر من التشويه الرهيب‬                                                              ‫يطل على الحديقة الخلفية‬
     ‫بزوجته وأطفاله‪ ،‬كان‬                                                             ‫للمنزل رقم (‪ )70‬في حي‬
  ‫من شأنه أن يدمر قدرته‬                                                                ‫«جلوسستر كريسنت»‪،‬‬
     ‫الإبداعية‪ .‬فمثلما كان‬                                                            ‫ببلدة كامدن‪ ،‬الذي نفيت‬
  ‫بيب مدينًا بثروته لمجرم‬
 ‫عنيف هو ماجويتش‪ ،‬كان‬                                                                      ‫إليه كاثرين ديكنز‪،‬‬
 ‫ديكنز مدينًا بتألقه اللافت‬                                                            ‫بصحبة طفل واحد فقط‬
‫لـ»مجرم غامض وعنيف»؛‬                                                                  ‫من أطفالها‪ ،‬هو تشارلي‪،‬‬
   121   122   123   124   125   126   127   128   129   130   131