Page 129 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 129

‫حول العالم ‪1 2 7‬‬

   ‫«تندرا»‪ .‬قلت لها «سآخذ‬          ‫حاز كارلوس رويث‬          ‫البريطانية‪ ،‬وجائزة القراء‬
    ‫هذا المكان»‪ .‬في الحقيقة‪،‬‬        ‫ثافون العديد من‬                       ‫الهولندية‪.‬‬
 ‫بعد قضاء ثلاث سنوات في‬             ‫الجوائز والأوسمة‬
  ‫السجن فقدت حاسة الشم‬           ‫من دول مختلفة؛ من‬             ‫المرأة البخارية‬
‫ومسألة الأصوات التي كانت‬         ‫بينها جائزة خوسيه‬
 ‫تتغلغل عبر الجدران لم تكن‬       ‫مانويل لارا الإسبانية‬    ‫لم أعترف بذلك لأي شخص‬
   ‫جديدة‪ .‬كانت لورا تصعد‬          ‫للكتاب الأكثر مبي ًعا‪،‬‬      ‫أب ًدا‪ ،‬لكنني حصلت على‬
  ‫كل ليلة تقريبًا‪ .‬كان جلدها‬      ‫وجائزة قراء صحيفة‬          ‫تلك الشقة بمعجزة‪ .‬لورا‬
‫البارد ونفسها الضبابي هي‬       ‫لابانجوارديا الإسبانية‪،‬‬          ‫التي كان تقبيلها مثل‬
    ‫الأشياء الوحيدة التي لم‬          ‫والجائزة الكندية‬
  ‫تكن تحرق في ذلك الصيف‬            ‫كيبيك لبيع الكتب‪،‬‬        ‫رقصة التانغو كانت تعمل‬
     ‫الجهنمي‪ .‬كانت تختفي‬        ‫وجائزة نيلسن للكتاب‬          ‫كسكرتيرة لرئيس اتحاد‬
  ‫لورا هابطة الدرج للأسفل‬         ‫الذهبي البريطانية‪،‬‬       ‫المُلاك الذي يعيش في الدور‬
                                                             ‫الأول‪ ،‬شقة (‪ .)2‬التقيت‬
       ‫في صمت عند شروق‬                   ‫وجائزة القراء‬     ‫بها ذات ليلة في يوليو بينما‬
 ‫الشمس‪ ،‬وأنا أستغل النهار‬                   ‫الهولندية‪.‬‬       ‫كانت السماء تحترق من‬
 ‫كي أغفو‪ .‬كان الجيران على‬                                    ‫البخار واليأس‪ .‬كن ُت أنام‬
  ‫الدرج يمتلكون هذا اللطف‬     ‫كارلوس رويث ثافون‬               ‫في العراء على مقعد كبير‬
                                                            ‫في الميدان عندما استيقظت‬
    ‫الودي النابع من البؤس‪.‬‬                                   ‫على آثر لمسة شفاه‪« .‬هل‬
 ‫أحصيت عدد ست عائلات‪،‬‬                                       ‫تحتاج إلى مكان للعيش؟»‪.‬‬
‫جميعها لديها أطفال وعجائز‬                                  ‫سألتني وأصطحبتني لورا‬
  ‫تفوح منهم رائحة القطران‬                                 ‫إلى البوابة‪ .‬كان المبنى عبارة‬
‫والأرض المتحركة المضطربة‪.‬‬
                                                               ‫عن أحد تلك التكوينات‬
   ‫كان السيد فلوريان الذي‬                                      ‫العملاقة العمودية التي‬
‫يعيش أسفل مني هو جاري‬                                     ‫تسحر المدينة القديمة‪ ،‬متاهة‬
  ‫المفضل‪ ،‬كان يصنع ويطلي‬                                      ‫من المآزيب والترميمات‬
  ‫دمى حسب الطلب‪ .‬قضيت‬                                          ‫حيث ُيقرأ في فنائه عام‬
                                                             ‫‪ .1866‬تابعتها على الدرج‬
   ‫عدة أسابيع دون مغادرة‬                                   ‫إلى الأعلى‪ ،‬متلم ًسا طريقي‪،‬‬
‫المبنى وكانت العناكب ترسم‬                                  ‫بالكاد أستطيع الرؤية‪ .‬كان‬
                                                             ‫المبنى يصدر صري ًرا مثل‬
  ‫أشكال أرابيسك على بابي‪.‬‬                                 ‫السفن القديمة تحت خطوات‬
   ‫السيدة لويسا التي تعيش‬                                 ‫أقدامنا‪ .‬لم تسألني لورا عن‬
‫في الدور الثالث كانت تصعد‬                                   ‫كشف الراتب أو أشخاص‬
‫وتحضر لي دائ ًما شيئًا آكله‪،‬‬                                   ‫تسألهم عني‪ .‬كان ذلك‬
    ‫والسيد فلوريان يعيرني‬                                   ‫أفضل لأنهم في السجن لا‬
    ‫مجلات قديمة ويتحداني‬                                     ‫يعطونك أي منهما‪ .‬كانت‬
                                                          ‫العلية بحجم زنزانتي‪ ،‬غرفة‬
     ‫في لعب الدومينو‪ ،‬بينما‬                                ‫معلقة في سهل من الأسطح‬
 ‫يدعوني الأطفال على الدرج‬
   ‫للعب المساكة معهم‪ .‬لأول‬
 ‫مرة في حياتي شعرت أنني‬
‫مرحب بي‪ ،‬وبالكاد محبوب‪.‬‬
   124   125   126   127   128   129   130   131   132   133   134