Page 131 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 131

‫حول العالم ‪1 2 9‬‬

 ‫التخلي عن مهمتي واختلاق‬     ‫الأبيض عندما َخرج ُت أنا إلى‬        ‫وكما لو أن شخصها قد‬
 ‫كذبة لإرضاء السيد أودون‬       ‫الشارع‪ .‬تتبعتها عبر متاهة‬         ‫تجسد من الضباب الذي‬
   ‫عندما رأيتها تهبط في هذه‬  ‫الأزقة والمباني المتداعية التي‬       ‫اجتاح الشوارع‪ .‬دخلت‬
   ‫اللحظة‪ ،‬وتتجه نحو بوابة‬   ‫دمرتها القنابل والبؤس حتى‬       ‫المتجر وتوقفت عند مستطيل‬
                                                             ‫الضوء الضئيل الذي يخترق‬
     ‫البيت الكبير‪ .‬قفزت من‬       ‫تجلت‪ ،‬وصلنا إلى ميدان‬         ‫المتجر عبر واجهة العرض‪،‬‬
‫الترام وركضت للاختباء عند‬          ‫ديل بيسو دى لا باخا‪،‬‬        ‫تقبض يداها على قطعة من‬
                              ‫حيث بالكاد كان عندي وقت‬           ‫القطيفة السوداء وشرعت‬
 ‫حافة الطريق‪ .‬تسللت الفتاة‬       ‫لرؤيتها تصعد إلى الترام‬      ‫في فتحها على طاولة العرض‬
‫عبر سياج الحديقة‪ .‬اختلس ُت‬     ‫الذي كان يغادر بالفعل الي‬       ‫دون لفظ كلمة واحدة‪ .‬عقد‬
‫النظر إليها من بين القضبان‬   ‫أعلى شارع مونتانير‪ .‬ركضت‬         ‫من اللؤلؤ والياقوت تلألأ في‬
‫تتهادي بين الأشجار المحيطة‬    ‫خلف الترام وقفزت إلى ُسلم‬        ‫الظلام‪ .‬لبس السيد أودون‬
 ‫بالمنزل‪ .‬توقفت عند درجات‬                                    ‫العدسة المكبرة وفحص قطعة‬
 ‫السلم الخارجي واستدارت‪.‬‬                  ‫ال ِقطار الخلفي‪.‬‬   ‫المجوهرات‪ .‬وأنا أتابع المشهد‬
                             ‫صعدنا هكذا‪ ،‬وفتحنا خطوط‬               ‫من فتحة الباب الخلفي‬

                                  ‫قضبان من السواد على‬                           ‫الضيقة‪.‬‬
                                    ‫لوحة الثلج المرسومة‬        ‫القطعة ليست سيئة‪ ،‬ولكنه‬
                                        ‫على إثر العاصفة‬
                                    ‫الثلجية‪ ،‬بينما السماء‬        ‫ليس وقت تبذير وإهدار‪،‬‬
                                         ‫تصطبغ بحمرة‬           ‫يا آنسة‪ .‬سأعطيك خمسين‬
                                      ‫الدماء عند الغروب‪.‬‬
                                                                   ‫دورو(‪ )1‬وهذا أكثر مما‬
                                  ‫بوصولنا إلى تقاطع مع‬           ‫يستحق‪ ،‬ولكنها ليلة عيد‬
                                    ‫ترافيسيرا دى غراثيا‬        ‫الميلاد وأنا لست من حجر‪.‬‬
                                                             ‫طوت الفتاة القماشة القطيفة‬
                                 ‫كان البرد ينخر عظامي‪،‬‬          ‫مرة أخرى وتوجهت نحو‬
                                           ‫وأوشكت على‬        ‫باب الخروج دون أن تطرف‬

                                                                                 ‫عينيها‪.‬‬
                                                                  ‫‪ -‬يا ولد ‪-‬صرخ السيد‬

                                                                         ‫أودون‪ -‬اتبعها‪.‬‬
                                                                 ‫‪ -‬هذا العقد يساوي ألف‬
                                                                 ‫دورو على الأقل‪ ،‬أضف ُت‪.‬‬
                                                                ‫‪ -‬ألفين‪ ،‬صحح لي السيد‬
                                                              ‫أودون‪ .‬لذلك لن ندعها تفلت‬
                                                              ‫من أيدينا‪ .‬أتبعها إلى منزلها‬
                                                                  ‫وتأكد من ألا يقوم أحد‬
                                                              ‫بضربها وسلبها ممتلكاتها‪.‬‬
                                                             ‫ستعود مثل أي شخص آخر‬

                                                                                   ‫إلينا‪.‬‬
                                                                ‫كان أثر هذه الفتاة يذوب‬
                                                                 ‫بالفعل في عباءة الضباب‬
   126   127   128   129   130   131   132   133   134   135   136