Page 136 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 136

‫العـدد ‪23‬‬    ‫‪134‬‬

                                                   ‫نوفمبر ‪٢٠٢٠‬‬

‫ومالذي بقي له من تجاربه‬      ‫إلخ‪ ،‬بيد أن دراجته‬
‫السابقة‪ ،‬عن الحرب‪ ،‬وعما‬
                             ‫تسرق أثناء عمله‬
    ‫بعد الحرب‪ ،‬عن كل ما‬
       ‫حدث له في بلادنا»‪.‬‬    ‫ليخوض رحلة بحث‬

‫ربما ما شرحه أنطونيوني‬       ‫فاشلة عنها‪ ،‬حتى‬
       ‫قد فتح الطرق أمام‬
                             ‫البوليس لا يعيره‬
     ‫الواقعيين الجدد تجاه‬
      ‫الموضوعية الواقعية‪،‬‬    ‫اهتما ًما‪ ،‬فيضطر في‬
‫والواقعية الذاتية‪ ،‬والتحليل‬   ‫النهاية لأن يسرق‬
      ‫النفسي والاجتماعي‬
‫للشخوص التي تجسد هذا‬         ‫هو دراجة أحدهم‪،‬‬
‫الواقع‪ ،‬إذ لا يكفي لتصوير‬
   ‫الواقع أن تكون واقعيًّا‪،‬‬  ‫بيد أنه يتم الإمساك‬
      ‫بل لا بد من تصوير‬
  ‫أشكال التحول والانتقال‬     ‫به ويوسعه الناس‬
    ‫بكل ما فيها من صدق‬
  ‫وتناقض‪ ،‬لا بد من قدرة‬        ‫ضر ًبا امام ابنه‬
   ‫عظيمة على الرؤية لإلقاء‬   ‫الصغير الذي هزه‬
‫بصيص من الضوء اللازم‬
   ‫للوصول لحكم صحيح‬          ‫فيتوريو دى سيكا وصدمه مشهد أبيه‬    ‫فرانز كافكا‬
‫على الأشياء‪ .‬وقد استفادت‬
   ‫الواقعية استفادة عظمى‬     ‫الذي بدا فيه ضعي ًفا‬
  ‫بعد انتباهها لهذا المسار‪،‬‬
  ‫والبحث غير المتعصب في‬          ‫مها ًنا‪ ،‬لقد حول العجز‬          ‫يصورون أنا ًسا حقيقيين‬
‫الحياة‪ ،‬والكشف النبيل عن‬           ‫والفقر وغياب الأمان‬          ‫مأزومين‪ ،‬يبدو لأول وهلة‬
  ‫الظروف الحقيقية لهوان‬       ‫والعدل الرجل إلى سارق‪،‬‬
                                  ‫أدار الصراع في اتجاه‬            ‫أنهم لا مبالون سلبيون‪،‬‬
                  ‫الإنسان‪.‬‬   ‫آخر‪ ،‬هو تطور لبطل كافكا‬                 ‫بيد أن الحقيقة ‪-‬كما‬
                             ‫السيد كاف الذي مات عبثًا‬
‫البطل المثال والبطل‬          ‫في نهاية الرواية والفيلم في‬            ‫أوضح لوكاتش‪ -‬أنهم‬
    ‫الاستثناء في‬             ‫مشاجرة عبثية في الشارع‪،‬‬            ‫اقتلعوا اقتلا ًعا من واقعهم‬
      ‫السينما‪:‬‬               ‫بيد أن بطل دي سيكا قرر‬
                                  ‫أن يصبح جز ًءا فاع ًل‬           ‫الآمن‪ ،‬لقد فقدوا الإيمان‬
‫تعتمد السينما كفن حكائي‬        ‫في هذه الغابة‪ ،‬إنه تحول‬          ‫واليقين في أن شيئًا جمي ًل‬
‫على الأنماط الكبرى للسرد‬      ‫خطير وينذر بالسوء‪ ،‬بيد‬
                                  ‫أن أنطونيوني المخرج‬             ‫ومطمئنًا سيحدث‪ ،‬ومن‬
  ‫وهو الشخصية والحدث‬           ‫الإيطالي الشهير علق على‬              ‫هنا خرج علينا المخرج‬
     ‫والمكان والزمان‪ ،‬وكل‬      ‫الفيلم جماليًّا عندما سئل‬           ‫الإيطالي الكبير فيتوريو‬
     ‫نوع فيلمي أو مدرسة‬         ‫عنه قائ ًل‪« :‬كنت أود أن‬          ‫دي سيكا بتحفته الخالدة‬
    ‫فنية يمكنه أن يعلي من‬        ‫يستغنى دي سيكا عن‬                 ‫سارق الدراجة ليعكس‬
    ‫شأن أحد هذه الأنماط‬       ‫الدراجة قلي ًل»‪ ،‬وقد شرح‬          ‫هذا الشعور بجلاء‪ ،‬والذي‬
                                ‫أنطونيوني منطقه حين‬                ‫قيل إنه أحد الذين تأثر‬
                             ‫قال‪« :‬أنا أتحدث هنا مجا ًزا‬             ‫بهم صلاح أبو سيف‬
                             ‫فحاولوا أن تفهموا ما وراء‬           ‫تأث ًرا مباش ًرا‪ ،‬بطل الفيلم‬
                                                                   ‫رب أسرة فقيرة يعاني‬
                                                                ‫البطالة‪ ،‬ويحصل بعد لأي‬
                                                                 ‫على عمل يشترط على من‬

                             ‫كلماتي‪ ،‬من المهم رؤية ما‬           ‫يحصل عليه أن يكون‬

                             ‫هو موجود في عقل وروح‬               ‫لديه دراجة‪ ،‬إنه سيعمل‬

                             ‫هذا الإنسان الذي سرقت‬              ‫في لصق ملصقات الدعاية‬

                             ‫دراجته‪ ،‬كيف تكيف‪،‬‬                  ‫على الجدران وأعمدة النور‬
   131   132   133   134   135   136   137   138   139   140   141