Page 137 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 137

‫‪135‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

     ‫لتحقيق رغبة ما‪ ،‬فمنذ‬              ‫والمعاصرة تمثل مثا ًل‬              ‫على الأخرى‪ ،‬مثلما‬
     ‫أواخر السبعينيات في‬               ‫يعكس مجتم ًعا واس ًعا‬           ‫تعلي السينما الفلسفية‬
 ‫القرن الماضي والشخصية‬              ‫من البشر يشتركون فيه‪،‬‬           ‫والنفسية من قيمة الزمن‬
 ‫الاستثناء التي لا يمكن أن‬        ‫نفس الهموم نفس القضايا‬           ‫والشخصيات فيما يتعاظم‬
 ‫نرى مثي ًل لها في الشارع‬          ‫نفس الحاجات والأهداف‪،‬‬              ‫المكان وأهميته ومدلوله‬
‫مث ًل‪ ،‬أو ربما لا نرى مثي ًل‬           ‫لا سيما في مجتمعاتنا‬         ‫وتأثيره في الواقعية‪ ،‬فيما‬
   ‫لها في حياتنا كلها‪ ،‬ذلك‬                                            ‫تعتمد الكوميديا وأفلام‬
 ‫النمط الغربي الهوليوودي‬                   ‫الشرقية والعربية‬            ‫الأكشن والجريمة على‬
     ‫القديم اختفت‪ ،‬صارت‬             ‫والمجتمعات التي تشبهنا‬           ‫الحدث إلخ‪ ،‬بيد أنه تظل‬
  ‫شخوص الأفلام جارحة‬              ‫ويتشابه منتوجها الإبداعي‬          ‫العناية بالبشر وأهوائهم‬
     ‫قريبة للقلب أكثر منها‬                                        ‫وقوتهم وضعفهم وألوانهم‬
   ‫للعقل‪ ،‬إذا أصاب أحدهم‬               ‫معنا‪ ،‬تلك العوالم التى‬          ‫الضمانة الوحيدة لكي‬
 ‫نجا ًحا فالكل يستفيد‪ ،‬وإذا‬       ‫تعاني فق ًرا وتهمي ًشا وقم ًعا‬        ‫يصب المتلقي تعاطفه‬
  ‫حدث لأحدهم نكسة فإن‬                                                 ‫ويندفع بكل أحاسيسه‬
   ‫الجميع يعانون بصرف‬                              ‫لا ينتهي‪.‬‬      ‫تجاه ما نحكيه عن الحياة‪،‬‬
 ‫النظر عن أن بطل الحكاية‬             ‫ولكن كما يقول روبرت‬          ‫لقد عاشت الدراما اليونانية‬
      ‫بشكل عام شخصية‬                  ‫مكي‪ ،‬علينا أن نتعلم أن‬        ‫وكتابات شكسبير وظلت‬
    ‫مفردة‪ ،‬لكنه يجب أن‬
‫يتبادل المنفعة والمعاناة‬                ‫نحب شخصياتنا‪ ،‬أن‬                 ‫خالدة لأنها ببساطة‬
   ‫مع الجمهور مهما‬                ‫نغدق عليهم الحب والدفء‬            ‫تتحدث عن البشر‪ ،‬وليس‬
‫كان البطل صغي ًرا أو‬
  ‫كبي ًرا‪ ،‬إنسا ًنا أو حيوا ًنا‪،‬‬        ‫لكي تكمل رحلتها في‬                 ‫لعظم الحدث الذي‬
 ‫قو ًّيا أو ضعي ًفا‪ ،‬يجب أن‬        ‫الحكاية وصراعها الحثيث‬                ‫تشرحه‪ ،‬وكما يقول‬
    ‫يشعر المتفرج أن هذه‬                                                   ‫بيير مايو لعل أول‬
    ‫الشخصيات مقدودة‬                                                    ‫سؤال يجب أن يخطر‬
   ‫من مجتمعنا البشري‬                                                   ‫على بال الكاتب هو أن‬
 ‫المشترك‪ ،‬تترك فى قلب‬                                                  ‫يسأل نفسه‪ ،‬هل بطل‬
     ‫كل إنسان شعو ًرا‬                                                 ‫فيلمي أو حكايتي مثال‬
      ‫بالعطف والسحر‬                                                     ‫أم استثناء؟ هل يمثل‬
                                                                  ‫مجموعة أو شريحة كبيرة‬
               ‫الأخاذ‪.‬‬                                             ‫أو طبقة؟ أم يحمل ظرو ًفا‬
‫ولعل الأفلام التي تلت‬
‫هزيمة يونيو في حقبة‬                                                               ‫استثنائية؟‬
‫السبعينيات بدأت هذا‬                                                     ‫ولأن الإنسان في هذا‬
‫التحول الحاد في فيلم‬                                                  ‫العصر بات حائ ًرا ه ًّشا‬
 ‫(السراب) عن قصة‬                                                  ‫وضائ ًعا وسط شروط هذا‬
                                                                  ‫النظام العالمي الجديد الذي‬
     ‫نجيب محفوظ‪،‬‬                                                      ‫تشكلت ملامحه الحادة‬
    ‫سيناريو وحوار‬
                                                                          ‫منذ منتصف القرن‬
     ‫علي الزرقاني وإخراج‬                                                 ‫العشرين‪ ،‬فقد باتت‬
 ‫أنور الشناوي عام ‪،1970‬‬
                                                                           ‫عموم شخصياتنا‬
                                                                         ‫في سينمانا الحديثة‬
   132   133   134   135   136   137   138   139   140   141   142