Page 140 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 140

‫العـدد ‪23‬‬                          ‫‪138‬‬

                             ‫نوفمبر ‪٢٠٢٠‬‬                     ‫أنيس الذي لا يبالي به‬
                                                          ‫أحد بناء على ما هو سائد‬
      ‫وقد يكون هذا التعلق‬        ‫إنهم لا يمثلون لصناع‬
    ‫بحلم (النداهة)‪ ،‬بأرض‬        ‫القرار أكثر من الجرذان‬        ‫في عصرنا‪ ،‬وما يمثله‬
‫نشأوا بها وأصبحت جز ًءا‬                                    ‫كلامه لقيم كل منا‪ ،‬قر ًبا‬
  ‫من وجودهم (أبو ربيع)‪،‬‬          ‫التي تصعد على سطح‬         ‫أو ابتعا ًدا‪ ،‬حتى مقارنته‬
   ‫بعائلة تنتمي إليها مهما‬         ‫السفينة قرب الغرق‪.‬‬       ‫الساخرة بين الحشيش‬
     ‫كان عبء وثمن تحمل‬            ‫ولقد ظلت الشخصية‬
  ‫المسؤولية تجاههم (أفواه‬         ‫المصرية تتأرجح بين‬         ‫والخمر واعتبار قانون‬
                             ‫القيمة واللاقيمة في سينما‬   ‫تجريم الحكومة للحشيش‬
                  ‫وأرانب)‪.‬‬        ‫السبعينيات‪ ،‬أبو ربيع‬
‫أما مرحلة الثمانينيات فلها‬    ‫‪ 1973‬إخراج نادر جلال‪،‬‬        ‫والسماح بتعاطي الخمر‬
                                   ‫النداهة ‪ 1975‬إخراج‬     ‫له شك ًل اقتصاد ًّيا نفعيًّا‪،‬‬
    ‫شأن آخر‪ ،‬فقد تفاقمت‬      ‫حسين كمال‪ ،‬أفواه وأرانب‬
‫الأزمات الاقتصادية وازداد‬    ‫‪ 1977‬إخراج بركات‪ ،‬وهي‬           ‫فبرغم أن كليهما يغيب‬
                                 ‫أفلام تتفق في جوهرها‬      ‫العقل‪ ،‬فالحكومة تحصل‬
   ‫الفقر وتغلغل المد الديني‬    ‫على حقيقة أنه حتى أفقر‬      ‫ضرائب على الخمر لكنها‬
      ‫في نسيج مجتمعاتنا‪،‬‬     ‫الفقراء وأضعف الناس‪ ،‬لا‬
                               ‫بد أنهم يملكون شيئًا ما‪،‬‬      ‫لا تحصل ضرائب على‬
‫وانقضت البقية الباقية لدي‬       ‫أي شيء‪ ،‬وهم يعتزون‬           ‫الحشيش‪ ،‬لذا لا تحرم‬
    ‫الشخصية المصرية من‬         ‫بممتلكاتهم الضئيلة هذه‬        ‫الخمر‪ ،‬ويتمني لو أنها‬
                              ‫ويتعلقون بها مثلما يتعلق‬
‫الزهو بانتصار أكتوبر‪،73‬‬        ‫مالك رأس المال بملكيته‪،‬‬         ‫حصلت ضرائب على‬
   ‫وهجرة العمالة المصرية‬                                   ‫الحشيش وتتركه مبا ًحا‪،‬‬
   ‫للخليج‪ ،‬وانتشار البطالة‬                               ‫وعندما يزور جبهة الحرب‬
     ‫وأزمات السكن‪ ،‬فكان‬
    ‫لا بد للسينما أن تبحث‬                                      ‫مع الصحفية الشابة‬
   ‫عن أبطالها وسط هؤلاء‬                                           ‫يطلق تلك الجملة‬
     ‫البشر الذين لم‬
   ‫يعد لديهم أي من‬                                              ‫التي تهكم بها شلة‬
     ‫مقومات الزهو‪،‬‬                                             ‫العوامة على الفلاحة‬
                                                           ‫التي صدموها بالسيارة‬
‫وربما لم يعد يغريهم‬                                           ‫وتركوها تنازع الموت‬
  ‫نجوم السينما الذين‬                                          ‫(الفلاحة ماتت ولازم‬
 ‫يبدون بعيدون عنهم‬                                         ‫نسلم نفسنا)! ربما كان‬
                                                            ‫المقصود هنا هو مصر‪،‬‬
       ‫بعد الأرض عن‬                                          ‫لكن وضع الكاتب هذه‬
  ‫السماء‪ ،‬ولا حتى تلك‬                                           ‫الصرخة على لسان‬
  ‫الشخصيات الدرامية‬                                        ‫أنيس‪ ،‬الذي برغم هوانه‬
                                                             ‫وتهميشه يملك الوعي‪،‬‬
      ‫التي يبدو ضعفها‬
 ‫ضع ًفا رومانسيًّا يسهل‬                                            ‫بيد أنه منذ متى‬
                                                                ‫وصرخات التحذير‬
   ‫ترميمه‪ ،‬كضعف آمنة‬                                           ‫التي تصدر ممن هم‬
    ‫في فيلم دعاء الكروان‬                                     ‫خارج السلطة والنفوذ‬
‫والتي قررت بكل ضعفها‬                                             ‫يلقي لها أحد با ًل‪،‬‬
 ‫وحزنها أن تحارب الشر‬                                          ‫مهما كان من يطلقها‬
 ‫بالحب وتنتصر‪ ،‬ليقود‬                                            ‫أمينًا نبي ًل متجر ًدا‪،‬‬
    ‫جماعة الواقعيين‬
   ‫الجدد عالمًا جدي ًدا‬
   135   136   137   138   139   140   141   142   143   144   145