Page 135 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 135
133 الملف الثقـافي
الدراجة للمخرج الإيطالي يعاني فقط من انطماس وماركس فكرة التغريب
دي سيكا ،نموذ ًجا مركبًا شخصيته بشكل متزايد فلسفيًّا ،وأوعزاها لانفصال
نتيجة معرفته وخبرته،
وخشنًا وصار ًخا لذلك بل من ازدياد العلاقات الإنسان عن الطبيعة
البطل الجديد الضعيف نتيجة العمل والإنتاج
الذي اقتلع اقتلا ًعا جذر ًّيا الاجتماعية والظروف (المجتمع الصناعي) ،فكلما
من واقعه الآمن ،وهو المحيطة به غمو ًضا زادت سيطرة الإنسان
على الطبيعة واستغلاله
ما يحدث كما يشير وابها ًما ،وغرس كافكا لها ،نجده يواجه نفسه
يانكو لافرين في فترات أساس متين لما عرف بعد كشخص غريب ،بيد أن
الإضطراب الاقتصادي ذلك في الأدب والسينما على الغربة ضرورية لتطور
والتفكك الإجتماعي ،ففي حد سواء بالبطل السلبي، الإنسان كما يرى بعض
هذه الفترات يظهر دائ ًما لقد أعدموا البطل ،على حد الفلاسفة ،ويتبعها كرد
أناس لا ينتمون إلى أية تعبير نتالي ساروت فها فعل محاولة منه للتغلب
طبقة أو جماعة ،فهم لا هو السيد (ك) في رواية عليها قدر الإمكان ،ولا
يستطيعون قبول الظروف
المحيطة بهم ،إما لأنهم كافكا يصبح حالة في وسيلة مثلى لمحاولة
أضعف من أن يحتملوا ملف ولا يمكنه الإطلاع التوازن بين الإنسان
صراع الحياة العنيف، على شيء يخص القضية والعالم سوى بالفن.
وإما لأنهم عاجزون عن الغامضة التي أتهم فيها ثم ظهر كافكا ذلك الفنان
ذات صباح ولا يعرف الذي شعر بغربة تفوق
التكيف مع الظروف كنهها ،وقد يصبح الورق شعور أي بشر ،ففي
الجديدة ،أو لأن أذواقهم حديث له حول نظام تايلور
ومطالبهم أعلى بكثير من في لحظة ما لا يهم، الذي كان يهدف لتحويل
فالإنسان العادي لا يحتك العامل تحوي ًل تا ًّما ليصبح
أن يستطاع إرضاؤها، سوى بالصغار من ممثلي جز ًءا من الآلة عبر الإنتاج
عكس البطل القوي الذي النظام ،أما الكبار فبعيدون الواسع الذي يستخدم
السيور التي تمر بين
تدفق في شرايينه دماء يحيطهم الغموض ،لقد العمال ،قال «إنه لا ينحط
الحياة والمغامرة ويقود هو انداحت العدمية واللا بالعمل وحده بل ينحط
إنسانية وتفتت الإنسان -قبل كل شيء -بالكائن
الصراع ويفجره وينهيه والعالم الذي يعيش فيه. الإنساني الذي يشكل جز ًءا
مثلما بدأه. لتظهر المدرسة الواقعية منه ،إن الحياة أصبحت
والتي تلقفتها السينما لعنة رهيبة لا يمكن أن
ولعل الواقعية الجديدة كفن يعلي من شأن المكان ينشأ عنها غير الجوع
التي طورها صلاح أبو والزمان ويعتبرهما وجهين والبؤس ،بد ًل من الربح
سيف ويوسف شاهين لعملة واحدة يشكلان والتقدم والثورة الذين
الوجود الإنساني ،فالزمان
وتوفيق صالح في والفضاء الذي يحيا فيه يسعون إليه».
خمسينيات القرن الماضي، الإنسان يشكلان مركب لقد شعر كافكا أن الإنسان
غريب يربط العام بالخاص
كانت بلا شك متأثرة بطريقة عضوية في الفن صار جما ًدا أكثر مما هو
بتلك الواقعية الجديدة كما يقول جورج لوكاتش، مخلوق حي ،وأصبح لا
الزاهرة في إيطاليا والتي وقد كان فيلم سارق
خرج فيها المخرجون
والمبدعون السينمائيون
إلى الشوارع بعد الحربين
العالميتين الأولى والثانية،