Page 167 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 167
الملف الثقـافي 1 6 5
الشخص المحترم المنضبط في الجندي الموت ويشتهيه؟ يقارب شرف تراب نعل أحد
عمله وسلوكه هو ذاته الذي أظن أن الخطاب الديني هؤلاء الأفذاذ!!
يمكن أن يرتكب خطأ ما يراه المشرق ّي له أياد غير بيضاء
البعض كبي ًرا ،ثم يتهم ذلك في التدريس لهذا التصور هل مهمة الخطاب الديني
المنضبط المخطئ بالتناقض، المغلوط ،والذي قد يجعل تقتصر على سيرة عظماء
فيدخل في د ّوامات لا نهائية جند ًّيا طبيعيًّا يخجل من أن رحلوا وكان لهم سياقهم
يكتشف زملاؤه وقادته أنه الزمني وظرفهم الحضاري،
من الكذب لإنقاذ صورته! يخاف الموت ويحب الحياة أم أ ّن الخطاب بما أ ّنه خطاب
أكاد أسمع القارئ يقول لي: فلا ب ّد له من مخا َطب ،فهل
هل تريد أيها الكاتب إذن أن رغم حبه للوطن. يؤدي الخطاب ذلك حق
كل هذا يحط بثقله على ذلك المخا َطب؟ أم أنه يخرجه
يباهي الناس بالخطأ؟ أن الإنسان البائس الذي يتصور
يجاهروا به؟ من دار العبادة خائ ًفا
بالطبع لا.. أول الأمر في أول خطاه محب ًطا ،يضعه في مقارنات
الإنسانية أنه الوحيد الذي
كل ما أريده في هذا المقال أن خاف ..أو ضعف ..أو أخطأ.. يتلذذ الخطيب فيها عادة
يتراحم الإنسان مع الآخر، بإظهار هزيمة من يخاطبه
أن يعي وأن يصدق أن هذا أو تناقض أو كذب.
المخلوق شقي بعقله وإدراكه هنا يتفاقم الشعور بالعجز، وانسحاقه!
وضميره ،أن النقص دليل فالخجل لدي الإنسان ،خجل كذلك الآداب والفلسفات
يكون مبعثه الأول َو ْه ُم أنه والفنون معظمها تحتفي
على إنسانيتنا. الوحيد الذي ارتكب ذلك ،أو بالإنسان النموذج ،حتى وإن
في الوقت الذي انشغل فيه قدمت الشخص العادي أو
الكثيرون عبر التاريخ بإثبات وقع في ذلك الخطأ ،خجل السلبي فإنها تعرضه كنمط
وجود الله ،وإعلان الإيمان الخوف من المعايرة والتشهير أو حالة يجب أن نتوخي
بالله وإعلائه ،والتأكيد على
كامل صفاته ..لم ينشغل في مجتمع كأن أفراده الحذر معها.
الكثيرون للأسف بالإيمان (تضامنوا) على أن يتبادلوا المرأة في الشعر أسطورة
بالإنسان ،والإيمان بنقص مكتملة ،والحبيب في الغناء
الظلم! فارس لا يحط على أرض،
صفاته ،بالتماس العذر يقينًا لا أدعو إلى الخوف، مثالية أبطال الدراما تعوق
للخائف ،للضعيف ،للمخطئ، أو الضعف ،أو الخطأ ،أو
التناقض ،أو الكذب ،لكنني التصور.
للمتناقض ،الكاذب. أبحث عن دور الإنسان في في رمضان الماضي عرضت
ربما التماس العذر ،ومد اليد ذلك ،عن خوفه من انكشاف الشاشات عم ًل جذب ملايين
بالرحمة يفتحان أبوا ًبا ما كان ذلك ،عن الطاقة الإيجابية
لها أن ُتفتح ،فإن كان التماس التي يمكن أن تتولد من عدم المشاهدين وهو مسلسل
خجلنا من الخوف والضعف، (الاختيار) الذي يعرض
العذر بعيد المنال ،ومد اليد عن طاقات الإصلاح التي بطولات العسكرية الوطنية
مستحي ًل ،فليكن التغافل ح ًّل يمكن أن تولد لو انشغل في مواجهة التطرف الدين ّي،
وسي ًطا ،ربما أتيحت الفرصة المخطئ –وحده– بالخطأ وقد هالني كم الخلط العجيب
واعترف به وتوقف عنه لدي منفذي العمل بين فكرتي
لتلك الأحاسيس والصفات البطولة والإقبال على الموت،
والسلوكيات السلبية أن تظهر وأصلحه. وكأن الحياة مذمة أو جبن،
عن المجتمع الذي لا يريد أن تساءلت هل تعني الشجاعة
من عمقها طاقات إيجابية، وحب الأوطان أن ينتظر
وق ّوة لا يستهان بها ..قوة يصدق أو يقتنع أن نفس
الإنسان