Page 172 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 172
العـدد 23 170
نوفمبر ٢٠٢٠
المصرية التي كان يرأس تحريرها ديوان أحمد عبد المعطي حجازي وبدأ هذا الجنين يخرج إلى النور
الدكتور عبد القادر القط ،وقد «مدينة بلا قلب» ،وقد صدره في الخمسينيات في شكل قصائد
يتسم معظمها بالسذاجة .كانت
صدرت أعدادها بين عام 1964 رجاء النقاش بمقدمه تشكل كتا ًبا
وعام .1966عشرات الشعراء صغي ًرا (حوالي 100صفحة إن بدايات حركة جديدة وبدايات
يسيرون على الدرب الذي مهده لم تخني الذاكرة) .ثم جاء ديوان شعراء ما زالوا في أول الطريق،
صلاح وحجازي .واصل عدد ومن الظلم أن نطلب منهم أكثر
ضئيل منهم الكتابة حتى النهاية، «أحلام الفارس القديم» الذي يمثل من ذلك .وسوف أحاول هنا أن
لكن هذا العدد الضئيل لم يأت، ذروة النضج الشعري لصلاح يكون تركيزي على مصر ،حتى لا
في نظري ،بجديد .ولم يتميز إلا في الشعر الغنائي ،وديوان «لم يتشعب الموضوع وتكثر الأمثلة،
شاعران :محمد عفيفي مطر وأمل
دنقل؛ قصيدة أمل ،في نظري ،لا يبق إلا الاعتراف» ويمثل نض ًجا وأظن أن ما ينطبق على مصر
تختلف كثي ًرا ،وربما لعبت الموهبة نسبيًّا لحجازي ،الذي أظن أنه لم ينطبق إلى حد بعيد على دول
والموقف السياسي دو ًرا كبي ًرا المشرق العربي ،أما دول المغرب
في شهرته .أمل دنقل ينتمي ،فنيًّا يبلغ ذروة نضجه الشعري إلا
وفكر ًّيا ،إلى التقاليد العربية البدوية في «كائنات منتصف الليل» في العربي فهي حالة خاصة.
بكل ما تحمله الكلمة من معنى، منتصف السبعينيات الذي كتبه في وفي منتصف الخمسينيات ،في
ويمكن معرفة ذلك بسهولة بتأمل 1957تحدي ًدا ،ظهر ديوان «الناس
موقفه من المرأة ومن فكرة الثأر. أثناء إقامته في باريس. في بلادي» للشاعر صلاح (الدين)
ومحمد عفيفي مطر أمر آخر ،أكثر أحاول أن أمسك بخيوط المشهد عبد الصبور ،كما ظهر الاسم على
تعقي ًدا ،ولا أظن أن المجال هنا باختصار ووضوح ،وهما أمران الطبعة الأولى من الديوان ،بمقدمة
يسمح بتناوله باستفاضة وإلا كان يبدوان متعارضين على ما أظن، بقلم بدر الديب .وتم تسليط الضوء
لكن لا بأس من المحاولة .ما أريد عليه بشكل كبير (يبدو لي الآن أنه
الحوار عنه. أن أقوله إنه بعد بضع سنوات شكل مبالغ فيه ،لكن ربما لعبت
باستثناء ذلك بدا أن هناك مستنق ًعا الظروف السياسية والاجتماعية
راك ًدا سقطت فيه قصيدة التفعيلة من ظهور قصيدة التفعيلة بدا في تلك المرحلة دو ًرا لا بأس فيه
وكأن لها تقاليدها الخاصة، في الأمر) .ثم جاء ديوان «أقول
بعد صلاح وحجازي بينما كان لكم» ،وأظن أن في ذلك الوقت كان
الأخيران لا يزال يطوران من وسطوتها الخاصة أي ًضا .أي أنها
نفسيهما .وبدا تأثيرهما على أصبحت كلاسيكية في غضون
بضع سنوات ،وهو أمر نادر في
المشهد الشعري وعلى الجيل التالي
(كان بعض شعرائه أكبر سنًّا الفن ،أن تتحول حركة جديدة إلى
حركة «كلاسيكية» في أقل من
من حجازي) طاغيًا .وقد دفعني
ذلك إلى أن أسأل حجازي من عام عقد من الزمان.
تقريبًا عن سر هذه السطوة الأدبية هذه التقاليد،
التي ظهرت
على الجيل التالي بهذه السرعة،
وقد جاءت إجابته ذكية وربما بأبرز تجلياتها
تبكحلممالتهقد«لًرأاننمانانا ُتل ِظرصنواا كب.ثي ًركاا،ن لتأ،ن لدى عشرات
المسرح كان مهيأ لنا» .لكن أظن من الشعراء
أن الأمر له أبعاد أخرى ،ربما الذين بدأوا
أولها الظروف السياسية ،ورغبة
الكتابة في أواخر
الخمسينيات
وأوائل
الستينيات،
وبإلقاء نظرة
على مجلة الشعر