Page 175 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 175
173 ثقافات وفنون
حـوار
الذي ندرسه في المدرسة .ولم أكذب ال ّشعر أم ال ّشعر هو الذي تحالفات ضرورة ،تحالفات تم فيها
خب ًرا؛ اشتريت كراسة وبدأت يصطاده؟ التغاضي عن الكثير من الاختلافات
أسجل فيها بعض الكلمات الصعبة تحدي ًدا لمن يكتب الشاعر إن لم لتتأسس جماعتان :جماعة إضاءة
لأستخدمها في القصائد ،وكنت تفهمه الحبيبة ،أو بالأحرى ،إن وجماعة أصوات .بدأت الانقسامات
أرتبها طب ًقا للحروف الأخيرة، لم يفهمه الأحبة؟ لمن يكتب إن لم
يفهمه أبناء شعبه؟ على الشاعر في إضاءة بسرعة ،وانتهى تكتل
حتى يسهل استخدامها في القوافي. جماعة أصوات بسرعة أي ًضا.
كانت هذه الحكاية في بداية حياتي، أن يكتب ببساطة ،بلغة أبناء
لكن أظن أن بعض الشعراء هرموا جيله ،لا بتلك اللغة التي نبتت في “إن َك تبحث عن الإبر لا
الصحراوات منذ مئات السنين .على أكوام القش .عن شظايا
وهم لا يزالون يفعلون ذلك ،وإن الشاعر أن يتخلى عن تلك الخطابة الحياة المحاصرة بعم ٍق في
كانوا يسجلون تلك الكلمات في السقيمة التي ورثناها ،وعن تلك مصيدة الدماغ»« ،حكمة
ذاكرتهم وليس في كراريس. السيكوباتيين “قل َت ،إن َك
البلاغة المثيرة للاشمئزاز التي شعرت وكأنه يتحدث
الإجابة على الشق الثاني شائكة، ارتبطت بالدنانير .ينبغي التخلي عن َك .أما أنا عندما قرأتها
من يصطاد الثاني في علاقات عن تلك الرطانة الجوفاء والحذلقة شعر ُت أنه يتحدث عن
العشق ،هل الطرف الأول أم ال ّشعر ،الذي وخز بإبره
التي لا معنى لها .على الشاعر
الطرف الثاني .لا بد أن أحدهما ببساطة أن يكون ابن جيله ،وابن ك ّل جز ٍء في جسدي،
يمارس الغواية فيصطاده الآخر. والتي كن ُت كلما تحسس ُت
بلاده. موضعها ،لا أجده ،برغ ِم
وقد يمارس الاثنان الغواية في وربما أذكر هنا حكاية طريفة :وأنا أكوا ِم الق ّش المزدحمة بها
الوقت نفسه ويصطاد كل منهما روحي .لمن يكت ُب ال ّشاعر؟
الآخر في الوقت نفسه .سنوات أكتب أولى قصائدي ،في الصف
طويلة كنت أنتظر أن يصطادني الثاني الإعدادي ،عرضت قصيدة وهل هو الذي يصطاد
الشعر ،وكان يقسو أحيا ًنا على زميلي ،وكان رد فعله كيف
ويهجرني أحيا ًنا أخرى ،ربما كنت يكون هذا شع ًرا وهو يفهم كل
الكلمات ،وهو هنا ،ومعه كل الحق،
لا أمثل غواية كافية بالنسبة له، يقارن بالشعر الذي نعرفه ،الشعر
لكنني في السنوات الأخيرة قررت
أن أكون مقدا ًما ،أن أمارس الغواية
باستمرار ،وأن أحاول اصطياده
بكل الطرق،
وبالتالي ربما
كتبت في العقد
الأخير أكثر
مما كتبت في
العقود الأربعة
السابقة.
قل َت إن َك
لم تقم
بالترشح
لأي