Page 285 - Nn
P. 285

‫‪283‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫كتب‬

          ‫فايز صلاح أبوشمالة‬            ‫عبد الوهاب محمد الجبورى‬          ‫أن يعرف «ديفيد» هذا السر‬
                                                                       ‫يشعر بالحاجة إلى الانتقام من‬
  ‫الصاخبة‪« :‬أرتال من السيارات‬       ‫عدد من الحقائق‪ :‬وجود صراع‬
     ‫تتحرك بسرعة فوق الجسر‬             ‫ما هو أحد أطرافه (القاص‪/‬‬           ‫«هاردوف» خصمه وسالب‬
                                      ‫الراوي‪ /‬ديفيد)‪ ،‬وأن الجانب‬    ‫زوجته‪ ،‬إلى حد الرغبة في التخلص‬
 ‫الكبير‪ ،‬عرقلة مواصلات ضخمة‬
 ‫وكبيرة لا فكاك منها للحظة‪ ،‬كل‬     ‫العاطفي في القصة أو «الحدوتة»‬     ‫منه‪ ،‬والانتقام لكرامته‪ ،‬وراودته‬
 ‫يحاول أن يشق له طري ًقا بكامل‬        ‫هو حب مريض مرض مميت‬                  ‫فكرة قتل زميله الصحفي‪.‬‬
  ‫قوة محرك سيارته مع فرملات‬
‫مزعجة والتواءات يمنى ويسرى‪،‬‬        ‫(ماتت الزوجة والزميل الصحفي‬       ‫وبينما كان «ديفيد» يتتبع غريمه‬
 ‫جناح سيارة يحتك بباب سيارة‬        ‫بالسرطان)‪ ،‬والنتيجة التي شعر‬       ‫في الشوارع (شوارع القاهرة)‪،‬‬
‫أخرى‪ ،‬عربة تخدش عربة أخرى‪،‬‬        ‫معها «ديفيد» بالارتياح (إن كانت‬
 ‫سيارات تتلاطم وتتأرجح‪ ،‬الكل‬      ‫حقيقية أو من صنع خياله حسبما‬          ‫يكتشف أن خصمه دخل قبله‬
 ‫مسرع‪ ،‬ويبدو أنهم مسرعون لا‬        ‫حاول صنعه في القصة) أن مات‬        ‫إلى حانوت تعرض صورة تشبه‬
 ‫لسبب سوى السرعة‪ .‬لا يغضب‬                                            ‫وجه زوجته المتوفاة «صفريرا»‪.‬‬
‫أحد على غيره‪ ،‬ولا يشتم أي منهم‬             ‫الحب بطرفيه وبقي هو‪.‬‬       ‫ويعتقد أن «هاردوف» يرغب في‬
‫الآخر‪ .‬نوع من هدوء الاستسلام‬             ‫لم تخل القصة من النظرة‬
                                       ‫النقدية‪ /‬العدائية‪ ،‬وعن عمد‪،‬‬      ‫شراء الصورة‪ ،‬يجرى بينهما‬
      ‫للواقع في صميم جهنم من‬       ‫من تلك اللقطات التي توحي بأن‬             ‫صراع حقيقي عليها‪ ،‬ولم‬
 ‫الأبواق وأجهزة الراديو المفتوحة‬      ‫شوارع القاهرة‪ ،‬والمصريين‪..‬‬
                                  ‫يتسمون بالفوضى وعدم الالتزام‪،‬‬         ‫يكن يعرف ما إذا كان غريمة‬
    ‫بملء الطاقة‪ ..‬الفعل بلا سبب‬                                     ‫سيشترى الصورة حقيقة‪ ،‬وما إذا‬
     ‫منطقي‪ ،‬وردة الفعل سلبية‪..‬‬                      ‫وربما بالقبح‪.‬‬   ‫كان هناك شب ًها بوجه المتوفاة كما‬
‫هكذا شوارع القاهرة كما وصفها‬             ‫نورد إحدى فقرات القصة‬
‫القاص‪ .‬وهو بذلك يلقى ظلا ًل إلى‬      ‫التي يصف فيها ضجيج مرور‬                                ‫اعتقد؟!‬
                                       ‫السيارات في شوارع القاهرة‬        ‫يعود في نهاية القصة ويتأمل‬
                                                                     ‫الصورة ويرى فيها‪« :‬امرأة فظة‬

                                                                                   ‫الملامح ومملة»!)‪.‬‬
                                                                           ‫ولم يفهم كيف استطاع أن‬
                                                                       ‫يرى فيها قبل ذلك شب ًها كبي ًرا‬
                                                                      ‫لزوجته‪ .‬إن الصراع بين الحياة‬
                                                                     ‫والموت‪ ،‬ينتهي فع ًل دون نتيجة‪،‬‬
                                                                       ‫حيث تختطف يد المنون الأول‪،‬‬
                                                                        ‫وتترك الثاني «هاردوف» على‬
                                                                      ‫قيد الحياة‪ ،‬وهو غير متأكد مما‬
                                                                      ‫إذا كان ثمة معنى للصراع فيما‬
                                                                      ‫بينهما‪ ،‬أو كان كل هذا من نسج‬

                                                                                         ‫خياله فقط‪.‬‬
                                                                          ‫تتساءل «المجلة» تعقيبًا بعد‬
                                                                      ‫القصة‪ ..‬إذا ما كان الصراع بين‬
                                                                       ‫الرجلين يرمز إلى الصراع بين‬
                                                                        ‫مصر وإسرائيل‪ ،‬تعود وتؤكد‬
                                                                    ‫أنه يبدو كذلك‪ ،‬نظ ًرا لمكان القصة‬
                                                                           ‫والأجواء التي دارت فيها‪.‬‬
                                                                         ‫هذا التناول السردي للفكرة‪،‬‬
                                                                          ‫يبرز أن القاص يكشف عن‬
   280   281   282   283   284   285   286   287   288   289   290