Page 286 - Nn
P. 286

‫العـدد ‪35‬‬                          ‫‪284‬‬

                                           ‫نوفمبر ‪٢٠٢1‬‬

    ‫والتجارب اليومية معهم‪ ..‬مع‬                ‫إلى عدد من القرى الفلسطينية‬      ‫الآخر العربي الذي جاء على خلفية‬
  ‫البحث في أبعاد كل الشخصيات‬                   ‫في منطقة نابلس للمساعدة في‬         ‫الحبكة التي صنعها‪ ..‬صريحة‬
‫التي يتعامل معها ويحللها ويبحث‬               ‫قطف الزيتون‪ ،‬بعد أن أصبحت‬                     ‫وأقرب إلى السباب»‪.‬‬
  ‫في تاريخها وأحوالها‪ .‬لذا جاءت‬                                                    ‫ربما يمكن النظر إلى مثل هذا‬
   ‫شخصياته هنا لتعاني وتتخبط‬                      ‫حياة الفلسطينيين جحي ًما‬         ‫النقد على أنها طبيعية‪ ،‬لولا أن‬
 ‫وتعمها الأحاسيس دونما افتعال‬                     ‫لا يطاق (صحيفة بديعوت‬              ‫البناء الخاص للقصة يشي‬
 ‫أو دونما قصد معين من القاص‪.‬‬                ‫أحرونوت (في‪،)2021 -12 -11‬‬
   ‫بين السلطة التي تحاول تثبيت‬               ‫هذا الانقلاب والتغيير في الأدب‬     ‫بإلحاح متعمد لإبراز سلبيات ما‬
                                                  ‫العبري هو‪ ،‬من دون شك‪،‬‬           ‫دون توظيف فني أو ضروري‬
    ‫ما حققته بقوة السلاح لجعله‬               ‫تعبير عن جدلية الحياة الثقافية‬
   ‫أم ًرا واقعيًّا أبد ًّيا‪ ،‬وبين المعارك‬      ‫والاجتماعية في إسرائيل‪ ،‬هذه‬     ‫لحبكة العمل الفني‪ .‬وهو جانب لا‬
                                               ‫الجدلية هي نتاج حالة الحرب‬      ‫يغفل أثناء القراءة‪ ،‬وإلا لماذا كانت‬
        ‫المدربين على القتال وعلى‬                ‫والعنف الدائمة التي يعيشها‬
   ‫الاستجابة لما تفرضه عليهم ما‬               ‫الأديب العبري‪ ،‬وما تفرزه من‬        ‫في القاهرة‪ ،‬كان يمكن أن يكون‬
  ‫يسمونها بمتطلبات الأمن‪ ،‬وبين‬             ‫انعكاسات متباينة التأثير والنتائج‬      ‫الصراع في أي مكان في العالم‪،‬‬
   ‫الشبان الذين ارتدوا منذ فترة‬               ‫على المجتمع الإسرائيلي‪ .‬تعامل‬
‫ليست بعيدة بذلتهم العسكرية في‬                   ‫الأدب العبري مع الانتفاضة‬          ‫بل وربما في بلدتهما «ديفيد»‬
   ‫الخدمة الإجبارية‪ ،‬ويصادفون‬                    ‫بنوع من الارتباك والحيرة‪،‬‬         ‫و»هاردوف»! يبدو أن القاص‬
    ‫لأول مرة وبصورة ملموسة‪،‬‬                   ‫(المصدر السابق)‪ .‬وهذه وقفه‬
‫مشاكل كان وجودها بالنسبة لهم‬                  ‫مع عمل روائي عبر عن وجهة‬              ‫يريد أن يقول‪ :‬إنه لا سلام‪،‬‬
  ‫يشكل نو ًعا من القصص وليس‬                    ‫النظر العبرية تجاه الانتفاضة‬       ‫ولا هدوء‪ ،‬إلا بالموت الذي نال‬
‫ام َرا واق ًعا‪ .‬الأمر الثاني‪ :‬هو قصة‬                                              ‫من شخصيتي القصة (الحب)‬
 ‫الإنسان اليهودي خلال الصراع‬                                   ‫الفلسطينية‪.‬‬        ‫دونه وحده (ديفيد المتربص)‪.‬‬
   ‫الاستنزافي للحرب اليومية مع‬                                                  ‫(مجلة «أريئيل» العبرية‪ /‬وزارة‬
   ‫الفدائيين الفلسطينيين وأبطال‬              ‫رواية «الحرب تحت‬                   ‫الخارجية الإسرائيلية‪ /‬مترجمة)‬
                                           ‫الرجال الشبان» للروائي‬
     ‫الانتفاضة‪ ،‬وإماطة اللثام عن‬                                                        ‫تبقى أهمية الاطلاع على‬
    ‫دفينة نفسه المتعبة من القتال‪،‬‬                ‫«يغئال ليف»‬                     ‫الدراسات المتخصصة في الأدب‬
‫والتعبير عن شوقه إلى الراحة من‬
  ‫الدماء‪ ،‬وتتم المواجهة في الرواية‬          ‫عرض‪« :‬يستدعى جندي احتياط‬               ‫العبري أثناء وبعد الانتفاضة‪،‬‬
  ‫بين المحنكين ورجال الاحتياط‪،‬‬                ‫في الجيش الاسرائيلى‪ ،‬ويصبح‬            ‫والتي تعد مرتك ًزا جدي ًدا من‬
    ‫وبين رجال الخدمة الإجبارية‬                 ‫في مواجهة المشكلة على أرض‬       ‫مرتكزات التجربة الحربية وأثرها‬
   ‫للشبان بواسطة البطل القاص‪،‬‬               ‫الواقع‪ ،‬وليس كما كان في حديث‬
 ‫الذي هو المؤلف نفسه‪ ،‬من خلال‬                                                                  ‫على الأدب هناك‪.‬‬
‫علاقاته بآمر السرية التي وضعت‬                   ‫المقهى وجلسات السمر‪ ..‬مع‬               ‫يقول «عبد الوهاب محمد‬
                                                 ‫واقع الصراع مع العناصر‬               ‫الجبورى»‪ ،‬أنه منذ اندلاع‬
                    ‫تحت إمرته‪.‬‬                                                 ‫الانتفاضة‪ ،‬استسلم الأدب العبري‬
      ‫والقاص هنا يسبح في بركة‬              ‫الفلسطينينية التى تقاوم‪ ،‬واتضح‬         ‫وكتابه لسبات عميق‪www.( .‬‬
    ‫واسعة لا تخفي مياهها له أية‬               ‫له أنه قد يدفع حياته ثمنًا لهذا‬       ‫‪ )moqawama.net‬وتطلب‬
‫مفاجآت تقريبًا‪ ،‬وخاصة بالنسبة‬                 ‫الواقع‪ .‬وتراوده (وهو الراوي‬         ‫الأمر انقضاء فترة طويلة حتى‬
      ‫لمرافقته جنود الاحتياط‪ ،‬إنه‬                 ‫والروائي نفسه) فكرتين‪..‬‬          ‫يقرر عدد من الأدباء والكتّاب‬
    ‫يطرح خلي ًطا من الشخصيات‬                                                        ‫الإسرائيليين (أمثال عاموس‬
 ‫ويصفها ويحللها ويتابع سيرتها‬               ‫الأولى أن يبدي إخلاصه للمهمة‪،‬‬        ‫عوز وأبراهام يهوشع) الخروج‬
                                           ‫والثانية التعامل مع قصة الإنسان‬           ‫عن صمتهم‪ ،‬هكذا كان حال‬
                                                                                    ‫المجموعة اﻹسرائيلية المثقفة‬
                                                  ‫الفلسطيني‪ ،‬وهي الحالات‬        ‫التي توجهت للتضامن‪ ،‬في مطلع‬
                                                                                  ‫تشرين الثاني من عام ‪،2002‬‬
   281   282   283   284   285   286   287   288   289   290   291