Page 290 - Nn
P. 290

‫العـدد ‪35‬‬                            ‫‪288‬‬

                                                               ‫نوفمبر ‪٢٠٢1‬‬

‫في هذه الق ّصة تحرص الكاتبة على‬                                                                            ‫شريكين في فعل الاستلاب‬
‫أن تق ّدم ال ّرجل في نسق سلوك ّي‬                                                                          ‫ال ّذاتي؛ فهما لا يكتفيان فقط‬
‫عجائب ّي يعمل على توظيف الفعل‬                                                                          ‫بقبول ما يقع عليهم من المجتمع‬
‫العجائب ّي ليفضح مثالب الإنسان‬                                                                            ‫من استلاب وقهر وكبت‪ ،‬بل‬
                                                                                                     ‫يتح ّولان إلى أداة من أدوات القمع‬
      ‫ومثالب مجتمعه المتهاوي‪،‬‬                                                                        ‫في أ ّول فرصة مواتية لذلك؛ فيقرر‬
‫ذلك انطلا ًقا من أ ّن هذا النّسق‬                                                                          ‫ال ّرجل والم ّرأة في هذه الق ّصة‬
                                                                                                     ‫‪-‬التي يلعبان دور ال ّزوجين فيها‪-‬‬
‫العجائب ّي من ال ّسرد في الق ّصة‬                                                                        ‫أن ينجبا طف ًل بمساعدة مركز‬
‫القصيرة النّسو ّية الأردنيّة عند‬                                                                          ‫الإنجاب ال ّدول ّي بعد أن تأ ّخر‬
‫الحديث عن ال ّرجل يمنح الق ّصة‬
‫القصيرة ق ّوة حالمة ودلالات‬                                                                                  ‫الحمل شه ًرا بعد ال ّزواج‪.‬‬
‫قادرة على استيلاد الواقع‬                                                                                ‫هذا ال ّسلوك يبدو مقبو ًل حتى‬
                                                                                                      ‫الآن‪ ،‬ونستطيع كذلك أن نتجاوز‬
‫والحقيقة بأكثر من شكل دون‬
‫الوقوف على ال ّشكل التّقليد ّي‪،‬‬                                                                           ‫عن موضوع هندسة جينات‬
‫وهو الوقوف المرعب أمام حقيقة‬                                                ‫سامية عطعوط‬                    ‫ال ّطفل وتكوينه وفق ال ّطلب‬
                                                                                                          ‫وال ّرغبات‪ ،‬لكن يغدو الموقف‬
‫عارية شوهاء‪.‬‬                                                     ‫أن تن ّدد بتسلّط الآباء والأمهات‬      ‫مضح ًكا ومخي ًفا عندما تتم ّخض‬
                                                               ‫الذي قد يصل إلى ح ّد اللامعقول؟‬        ‫خلافات ال ّزوجين عن مواصفات‬
    ‫كما أ ّن ال ّسرد العجائب ّي يملك‬                                                                      ‫مسخيّة لطفلهم المتو ّقع؛ فهو‬
   ‫مرونة تع ّز في ال ّسرد التّقليد ّي‬                             ‫لعلّها أراد ْت ذلك كلّه‪ ،‬وحاكته‬         ‫مزيج من ال ّذكورة والأنوثة‪،‬‬
‫تم ّكنه من حمل الكثير من المغازي‬                                   ‫بخيوط ال ّسرد الغرائب ّي الذي‬         ‫ومزيج من ال ّشقرة وال ّسمرة‪،‬‬
                                                                   ‫يجيد اقتناص ذلك المرعب في‬               ‫ومزيج من القصر وال ّطول‪،‬‬
‫ووالصخهرارفا ّيلأفيسبطنويةر ّيجدويالدةحكتاعئر ّيض‬                                                        ‫ومزيج من ال ّسمنة والنّحافة‪،‬‬
                                                                            ‫التّجربة الإنسانيّة‪.‬‬          ‫ومزيج من الغباء والعبقر ّية‪،‬‬
‫الحقيقة كما يراها الكاتب‪ ،‬أو كما‬                                 ‫قد يصبح ال ّرجل كائنًا عجائبيًّا‬           ‫ومزيج من ال ّشعر الأملس‬
‫يشعر بها‪ ،‬أو كما تل ّقاها‪ ،‬لا كما‬                                                                    ‫وال ّشعر المج ّعد‪ .‬بعد جلسة تحديد‬
                                                                   ‫عندما يخرق طبائعه وقدرته‬          ‫صفات ال ّطفل يخرج ال ّزوجان من‬
‫وقعت‪.‬‬                                                           ‫كما في الق ّصة ال ّسابقة‪ ،‬وكما في‬     ‫مركز الإخصاب فخورين بالابن‬
                                                                ‫ق ّصة “ال ّطاغية”؛ فال ّطاغية الذي‬
‫اهلاذاعاتلقا ّسدربدأ ّنالهعقجدائ ُوب ّّظي يفسفيوقبنناية‬  ‫إ ّن‬                                                               ‫القادم(‪.)8‬‬
                                                         ‫إلى‬      ‫يروي ق ّصة طفولته‪ ،‬يصدمنا‬          ‫فهل أرادت سامية عطعوط بتبنّيها‬
                                                               ‫بحدث يتح ّدى قوانين ال ّطبيعة في‬
‫كابوسيّة مستحيلة‪ ،‬وفي استدراج‬                                  ‫عالمنا؛ فال ّطفل ال ّطاغية يحلّق فوق‬       ‫لهذا الحدث الغريب أن تدين‬
 ‫ذك ّي لاستيراتيجيّات سرد ّية‬                                                                         ‫تلك ال ّشطحات ال ّطبيّة التي تزعم‬
‫مميّزة تحيل القارئ إلى واقعه‬                                       ‫ال ّسحاب‪ ،‬ويسكنه‪“ ،‬أغمضت‬
‫المشؤوم الذي يشطره ألف م ّرة‬                                        ‫عيني ع ّما سيحدث‪ ،‬شعرت‬                ‫بأ ّنها سوف تتح ّكم بخريطة‬
‫في اليوم‪ ،‬ويباعد ما بين جسده‬                                                                               ‫الجينات البشر ّية في القريب‬
                                                               ‫بأك ّفهم الخشنة تمت ّد إل َّي تسندني‬   ‫االلعّطالجبل؟‪،‬أمو أسرتادصتن أعنب تشن ًراحتحمسوقب ًفا‬
‫وروحه وأحلامه‪ ،‬ث ّم يطالبه‬                                     ‫من إليتي‪ ،‬وتساعدني على جلوس‬             ‫مرعبًا يضعنا في مواجهة المسخ‬
‫بالتّماسك والعطاء ح ّد الموت‪.‬‬                                                                          ‫الذي يتر ّصد الانقسام في ال ّرأي‬
‫فأ ّنى يكون ذلك؟!‬                                                     ‫مستق ّر فوق السحابة”(‪.)9‬‬       ‫والتّنازع في القرار؟ أم أ ّنها أرادت‬
‫هذا ال ّشقاء اليوم ّي الذي يحياه‬                                  ‫لع ّل هذا التّحليق رم ٌز لتساميه‬
 ‫الإنسان يتضافر مع مخاوفه‬
                                                                    ‫فوق الآخرين‪ ،‬وتسهم اللّغة‬
‫وهواجسه‪ ،‬ليصبح كابو ًسا نهار ًّيا‬                                 ‫ال ّشعر ّية في تعميق هذا الحدث‬
‫يطارد الإنسان دون رحمة؛ فبطلة‬                                   ‫العجائب ّي الذي يدفع بالق ّصة إلى‬

‫ق ّصة “قطط ال ّسيّد” تخشى‬                                                        ‫عوالم الخيال‪.‬‬
‫القطط‪ ،‬وفجأة ُيمسخ ك ّل من‬
   285   286   287   288   289   290   291   292   293   294   295