Page 117 - m
P. 117
115 إبداع ومبدعون
القصة في اليمن
سعيد محمد الحمادي
(اليمن)
شخصية مهمة
المراكز المرموقة ِف الإدارة .هؤلاء س َّراق يأكلون ارتفاع المبنى ثلاثة طوابق ،مر َّمم من الداخل
حقوق الموظف ،هؤلاء لا يلتزمون بالدوام .لم يكن بالطين ،والجص الأبيض .طليت جدرانه ،باللون
الأصفر الداكن ،أ َّما شكله الخارجي ،فهو مبني من
أحد يتجرأ على الرد عليه ،كونه يظل يمدح بتلك الأحجار .بوابته الرئيسة من الخشب الصلد ،يبلغ
سمكها ثلاثة سم ،وارتفاع فتحتي الباب حوالي
الشخصية المهمة ،وأنه يصنع المعجزات ،فهو يدع المترين ،ويقال إن عمر المبنى خمسون عا ًما .غرفة
الحارس ،تقع جهة اليسار من البوابة ،بداخلها
هؤلاء المسؤولين يعيثون بالأرض فسا ًدا ،دون سرير ،وفرش من الإسفنج ،مع بطانية واحدة،
أن يقوم بمحاسبتهم ،فالشخصية لها جولاتها
يلتحفها الحراس أثناء نوباتهم .أحدهم غريب
وصولاتها .ويرى أن الوقت لم يحن لمحاسبة الأطوارِ .ف العقد الخامس ،متوسط القامة ،لم
يكن بدينًا ،يضع على عينيه نظارة طبيَّة ،مربوطة
هؤلاء الفاسدين .وعندما يتحدث يشير بسبابته بسلسلة حول أذنيه ،ذو وجه عبوس ،ذقنه البيضاء،
نحو الصورة ،المعلَّقة فوق رأسه ،والتي صنع لها التي احتلت أغلب المساحات في وجهه ،وشاربه
الأسود ،وكأنه يعكس مساحات الصراع ،التي
بروا ًزا من الزجاج .توحي الصورة بقدرة الرسام احتلت حياته ،عطفات الشيب بادية عليه ،يلبس
على اختيار الألوان المعبرة للرجل ،ومن أراد من جلابية طويلة بلونها الرمادي ،وعليها معطف
بلونه البني .يتعامل مع الموظ ِفين بجفاء .أثناء
الموظفين العودة للعمل ِف الفترة المسائية ،عليه نوبته ِف الحراسة ،يدع بوابة الدخول مفتوحة على
الإتيان بتوجيه خطي ،من مدير الإدارة ،لكي مصراعيها ،ومفاتيح أبواب المكاتب تبقى معلَّقة
فوق رأسه ،على جدار الحائط ،لم يكن يرغب بفتح
ُيسمح له بالدخول ،فالحارس يرفض فتح الباب، أبواب المكاتب ،ومن أراد من الموظفين دخول مكتبه،
إلا ِف حالة كونه ،مرتا ًحا نفسيًّا للموظف ويتعامل عليه النزول لغرفة الحراسة ،وأخذ مفتاح مكتبه
بنفسه ،ومن ثم إعادتها للحارس .يظل يتأمل
مع الحارس بكل مودة ،ويكون حسن السيرة التلفاز ،يضع صورة شخصية مهمة على الحائط
المجاور للسرير .أغلب الموظفين يخشونه ،لقربه من
والسلوك .ولا يتفوه بأية كلمة ،قد تسيء لصاحب صاحب الصورة ،ولدماثة أخلاقه ،لا يتوانى عن
الشتم والزجر للآخرين ،هم يرونه أقل منهم منزلة،
الصورة ،فإ َّنه يسمح له بالدخول ،احتار مدراء بينما هو يرى نفسه أرفع منهم ،ويظل يشتم ذوي
الإداراتِ ،ف كيفية الخلاص من هذا الحارس ،فهم
لا يستطيعون نقله لم َكان آخر ،كونه أحد اقرباء
صاحب الصورة .أحس هو بالملل وأنه غير قادر
على المناكفات كل يوم مع الموظفين ومع رؤسائه،
طلب هو نقله للحراسة ِف بوابة المخازن التابعة
لنفس الإدارةِ ،ف منطقة بعيدة نائية ،داخل حوش
كبير ،يلفه سور عا ٍل من جميع الاتجاهات ،توجد
بداخله أشجار ،شعر بالارتياح لهذا الم َكان ،وظل
يحاكي الأشجار ،والصورة معلَّقة فوقها.