Page 112 - m
P. 112
العـدد 55 110
يوليو ٢٠٢3
ذكريات عقلان
(اليمن)
إن ..عاش!
الجميع يلوم. ها أنا بغرفة الإنعاش ،والمقابض على صدري،
يعلم الله كيف كانت تلك اللحظات تمر بي ،تمر توضع بعنف ،و ُتنتزع بعن ٍف أكبر ،أم ًل بنبضا ٍت
تعيد الحياة للجسد ،جسدي يتخبط بفعل تلك الآلة،
سنين طوال ما بين الحط والرفع.
والآن أحياها ،أكاد أفارق الحياة ،ها هم يحاولون وأتعجب من تلك الحياة.
أنا ذلك الممدد على السرير اليوم ،هو نفسه الذي
وأنا مبتسم لتلك الأقدار التي أوصلتني إلى هنا،
أكان ينبغي علىَّ أن أذوق ما كنت أطهوه يو ًما ،هل كان يمسك بتلك المقابض بالأمس.
مر شريط حياتي بعجالة ،إلا من تلك الأيام التي
عليَّ أن أحس بكل ذلك؟ امتهنت فيها هذه المهنة مرت ببطء ،بأدق اللحظات،
ربما!! مرت بفرحتها حين ُينقذ المريض من الموت ،مرت
ببؤسها حينما أقدم كل ما أستطيع ولا أستطيع،
ساعة يشير الجهاز لاستمرارية الحياة وساعة يقف مرت ببدايتها حينما رفضت وبشدة أن أتخذها
خط حياتي مستقي ًما للإنذار بالمفارقة. مهنتي ،كنت أحاكي نفسي ،هي لا تفرق عن مهنة
من يقوم بحكم الإعدام .كلانا يقوم بمهنة ،ك ٌل منَّا
في هذه الساعة تتحد الأماني وتختزل بأمنية واحدة مأمور ومأجور ،أحدنا يحاول جاه ًدا أن يصيب
وهي إنقاذ حياة. الهدف حتى يفارق القابع بين يديه الحياة ،والآخر
يحاول جاه ًدا أي ًضا أن يعود الممدد أمامه للحياة،
وأمنيتي كذلك أن أعود لها ،وإن خيِّرت لمعاودة كلانا أداة .كلانا محبوب ومكروه ،فهو محبوب من
تلك المهنة سأعود ،لن أتبرم كما فعلت ،سأكون أولي الدم ومكروه من أحبابه ،وأنا محبوب إذا ما
مسرو ًرا ،فعودة مريض للحياة على يدي خير من حالفني الحظ وعوفي المريض ،ومكروه إذا ما خانني
عودتي لها. الحظ وماااات.
يخرج أحدهم والأحباء يتساءلون بعويلهم:
-هل من أمل؟
-ستكون معجز ًة .إن عاش.