Page 110 - m
P. 110

‫العـدد ‪55‬‬                            ‫‪108‬‬

                                                                ‫يوليو ‪٢٠٢3‬‬

‫دعاء الأهدل‬

‫(اليمن)‬

‫كابو ٌس في زاوي ِة ال ُغرف ِة‬

   ‫شعري المسدول إلى كتفي‪ ،‬وبشرتي السمراوية‬               ‫أتكو ُر‪ ،‬أرتجف‪ ،‬ترتعش أصابعي‪ ،‬أحاول أن أُخفي‬
         ‫التي كثي ًرا ما يتغزلون بها قائلين‪« :‬قطعة‬         ‫ملام َح وجهي المتلون‪ ،‬أحاول الهرب من الأعين؛‬
                                   ‫شوكولاتة!»‪.‬‬              ‫أراها تنظر لي بنظرا ِت ازدراء‪ ،‬وأخرى ِبتعجب‪،‬‬
                                                           ‫أحاول الهرب‪ ،‬وصو ٌت داخلي يصرخ‪ :‬كان يجب‬
    ‫هل كان شي ٌء من الخطأ في قوامي الذي يوحي‬               ‫ألا تدخل‪ ،‬أن ُتغير مسارك‪ ،‬أن تكون شا ًّبا أقوى‬
   ‫بشاب مفتول‪ ،‬طويل القامة ذي عضلات وجسد‬
                                                         ‫من ذلك‪ ،‬أن تواجه؛ ما الذي يرون ُه فيك حتى تكون‬
                                       ‫ممتلئ؟!‬                                      ‫بذلك الضعف؟ لماذا؟!‬
  ‫أتذكر كثي ًرا ما الذي دفعه وأنا بحاج ِة العلاج تلك‬
‫الليلة‪ ،‬لم آ ِت لغر ٍض آخر‪ ،‬جئت أشتكي ألمًا‪ .‬انتظرت‬           ‫كان حينها عمري عشرين عا ًما قبل أن أتغي َر‬
   ‫كثي ًرا حتى أُ ِذي َع اسمي‪ ،‬وأنا في ساح ِة الانتظار‪،‬‬   ‫وأتذمر‪ ،‬سنوات وأنا أتوارى من نظرا ِت الآخرين‪،‬‬
 ‫الكثير َمن كانوا بعدي‪ ،‬ينتظرون دورهم؛ الانتظار‬           ‫أهرب؛ حيث لا ضمير يرحم‪ .‬وحدي من يعرفني؛‬
 ‫كان مم ًّل‪ ،‬لكني تمنيت أن أكون منتظ ًرا كل العمر‪،‬‬        ‫أنا من أدرك حقيقتي‪ ،‬وأُخفي الحقيق َة التي تك ُمن‬
‫ولا أواج ُه ذلك الكابوس الذي يلاحقني مدى العمر؛‬            ‫بداخلي‪ .‬عائلتي ارتدت جلباب الخزي‪ ،‬حاولت أن‬

        ‫الكابوس الذي كان ينتظرني خلف الباب‪..‬‬                                              ‫تدرك الحقيقة‪.‬‬
  ‫وقعت عيني في عينِه؛ رج ٌل جمي ٌل‪ ،‬يوحي بأنه في‬             ‫َمن يروني‪ ،‬لم يكن شكلي هو ما يدفعهم‪ ،‬ربما‬
   105   106   107   108   109   110   111   112   113   114   115