Page 189 - m
P. 189

‫حول العالم ‪1 8 7‬‬                    ‫فراش الزوجية المفتوح على‬           ‫الأفقي يومض في بداية‬
                                  ‫هذا الوحش‪ ،‬غير أن الشرطي‬           ‫السطر الأول من نموذج‬
 ‫بالشرطة وانطلقت مسرعة‪.‬‬                                           ‫استمارة؛ حيث من المفروض‬
  ‫عندما وصل حراس الأمن‪،‬‬             ‫لم يكن ‪-‬عمليًّا‪ -‬يسمع من‬        ‫على الشرطي أن يستفسر‬
                                  ‫كلامها شيئًا؛ فهو يقرأ الناس‬     ‫عن‪ :‬الاسم العائلي؟‪ /‬الاسم‬
    ‫وجدوه على سكة الحديد‬                                              ‫الشخصي؟‪ /‬العنوان؟‪/‬‬
   ‫حام ًل الطفلة بين دراعيه‪.‬‬                    ‫من وجوههم‪.‬‬
   ‫وعندما اقتربوا منه‪ ،‬أحاط‬             ‫حكت بشكل قاتم سبع‬               ‫تاريخ [جريمة] القتل؟‬
 ‫عنق «جينيفر» بدراعه مهد ًدا‬       ‫سنوات من البؤس الزوجي‬                             ‫سألني‪:‬‬
 ‫بخنقها‪ .‬وقد احتاج الأمر إلى‬          ‫اليومي‪ :‬لكمات‪ ،‬وركلات‬
 ‫دقائق طوال من أجل إقناعه‬         ‫أمام الأطفال‪ ،‬وندبات خياطة‬          ‫‪ -‬كيف كان هذا الزوج؟‬
  ‫بالعودة إلى جادة الصواب‪.‬‬
  ‫يومان بعد ذلك‪ ،‬دفعته عبر‬                  ‫الجروح على الفك‪.‬‬               ‫‪V‬‬
                                         ‫كان الشرطي يصغي‬
                    ‫النافذة‪.‬‬       ‫للأحداث تارة‪ ،‬وتارة أخرى‬           ‫‪ -‬في سن الثامنة عشرة‬
                                    ‫يكف عن الاستماع‪ ،‬يصغي‬           ‫التحق بالخدمة العسكرية‬
         ‫‪VI‬‬                         ‫مرة أخرى‪ ،‬يفكر أحيا ًنا في‬        ‫في البحرية فرا ًرا من أب‬
                                    ‫شيء آخر‪ ..‬لم تفلح بعض‬
    ‫كان المكتب لا يزال غار ًقا‬    ‫الحكايات في أن تغادر شفتي‬            ‫متسلط‪ ..‬عندما تعرفت‬
  ‫في عتمته‪ ،‬إن هو إلا شعاع‬           ‫السيدة بدون ضرر؛ ربما‬            ‫عليه‪ ،‬كان يعاقر الخمرة‬
   ‫المصباح المفصلي‪ ،‬وإضاءة‬            ‫لأنها حكايات حميمية أو‬         ‫باستمرار؛ وهو ما جعله‬
                                   ‫جنسية أكثر من اللازم؛ لقد‬       ‫عدوانيًّا‪ .‬لطالما كان شري ًرا‪،‬‬
    ‫[شاشة] الحاسوب يزيلا‬              ‫بقيت صرخات ُمق َبرة في‬      ‫حتى قبل الزواج؛ وقد كانت‬
 ‫بع ًضا منها‪ .‬سأل الشرطي‪:‬‬                                            ‫أولى علامات ذلك غرسه‬
                                                        ‫فمها‪.‬‬     ‫لشوكة أكل في ذراعي ونحن‬
   ‫‪ -‬هل بإمكانك من فضلك‬           ‫‪ -‬هناك‪ ،‬سيدي‪ ،‬قصص حب‬            ‫على طاولة [الأكل]‪ ،‬نعم‪ ،‬لقد‬
 ‫أن تضغطي على الزر بجانب‬                                          ‫غرس ف َّي الشوكة‪ ،‬أعرف أنه‬
                                                       ‫أليمة‪..‬‬     ‫قام بهذا‪ ،‬غير أني لا أعرف‬
                     ‫الباب؟‬             ‫بعد ذلك استعادت خط‬        ‫البتة لماذا‪ ،‬أنـ‪ ..‬على أية حال‪،‬‬
 ‫تراجعت المرأة بكرسيها‪ ،‬ثم‬              ‫قصتها‪ ،‬ساردة حسب‬            ‫كان فيما بعد عني ًفا‪ ،‬أجل‪،‬‬
   ‫التفتت ما َّد ًة ذراعها ناحية‬     ‫تسلسل السنين‪« :‬في المرة‬      ‫كان يسيء معاملتي‪[ .‬أتذكر]‬
 ‫مفتاح الإنارة‪ .‬إضاءة باهرة‬        ‫التي‪ ،»..‬ثم «عندما‪ ،»..‬كانت‬       ‫في صباح ما أنه ضربني‬
   ‫شعت من مصابيح النيون‬            ‫تتكلم‪ ،‬تتكلم بجبين منكسة‪.‬‬        ‫بقوة لحظة استيقاظنا قبل‬
  ‫منيرة شيئًا فشيئًا‪ ..‬المكتب‪.‬‬       ‫لم يكن بإمكان الضابط أن‬          ‫أن يغادر البيت‪ ،‬ثم بعد‬
                                    ‫يرى وجهها‪ ،‬غير أنه لاحظ‬        ‫ذلك هاتف مقر عملي للتأكد‬
   ‫أغمض الشرطي عينيه ثم‬           ‫تق ُّوس ظهرها‪ ،‬وأصابع يديها‬       ‫من وجودي فيه؛ لأنه كان‬
                       ‫قال‪:‬‬           ‫المشبكتين فوق حقيبتها‪.‬‬         ‫يتساءل إن كنت قد لملمت‬
                                  ‫أما هو‪ ،‬فقد كان مستندا على‬         ‫نفسي ونهضت متجاوزة‬
‫‪ -‬أتعلمين‪ ،‬في ليالي الديمومة‪،‬‬      ‫المكتب‪ ،‬تحتضن كفه وجهه‪..‬‬       ‫آلامي أو لا‪ .‬في صباح آخر‪،‬‬
    ‫لا أشيع النور كثي ًرا؛ فأنا‬    ‫‪ -‬في إحدى المرات اتصل بي‬        ‫وبينما كنت أرتب السرير‪..‬‬
  ‫لا أبحث عن جذب الانتباه‪،‬‬         ‫هاتفيا [وأخبرني قائ ًل]‪« :‬أنا‬
                                     ‫رفقة صغيرتنا في المحطة‪،‬‬            ‫تابعت محدثة إياه عن‬
 ‫ولا أرغب في أن يقول المارة‬            ‫وأنوي أن أرتمي وإياها‬       ‫لحظات حبهما الخاطفة على‬
 ‫في الشارع‪« :‬أنظر‪ ،‬مفوضية‬               ‫أسفل القطار»‪ .‬اتصلت‬

   ‫الشرطة مضاءة‪ ،‬سأذهب‬
 ‫لأقوم بجولة فيها»‪ .‬هذا هو‬

          ‫الحمق بعينه‪ ،‬هه؟‬
  ‫أشاحت المرأة برأسها جهة‬
   ‫اليمين‪ ،‬ثم انشغلت بالنظر‬
   184   185   186   187   188   189   190   191   192   193   194