Page 186 - m
P. 186

‫العـدد ‪55‬‬                              ‫‪184‬‬

                                   ‫يوليو ‪٢٠٢3‬‬                           ‫عن اندهاشه من وجود‬
                                                                    ‫زوجته ‪-‬التي كانت تصغره‬
   ‫نفسها مستمرة في التَّق ُّدم‬         ‫كانوا قد أودعوها هناك‪.‬‬
 ‫إلى الأمام‪ ..‬أما زوجها‪ ،‬الذي‬       ‫كان كعب [حذائه] على حافة‬         ‫بعشر سنوات‪ -‬في الشقة‪.‬‬
                                                                      ‫‪ -‬أن ِت هنا؟ ألم تذهبي إلى‬
     ‫أحنى رأسه‪ ،‬فقد أعربت‬             ‫الدرابزين‪ ،‬وظهره مواجه‬
      ‫عيناه من خلف ن َّظارته‬          ‫للفراغ‪ ،‬بينما كانت الريح‬           ‫العمل أيتها المستهترة؟‬
    ‫ال ِّطبَّية ذات الإطار الكبير‬     ‫تتلاعب بسترته‪ ،‬وذراعاه‬       ‫‪ -‬بما أنك كنت في المستشفى‬
   ‫عن دهشته‪ .‬كانت لا تزال‬          ‫مفتوحتين وهو يصرخ قائ ًل‪:‬‬
   ‫تتقدم عندما رفعت عينيها‬            ‫‪ -‬آه يا إلهي! أعطني المال‬         ‫فقد أخذت اليوم إجاز ًة‬
   ‫وركزتهما على عينيه وهي‬           ‫أيتها الحقيرة! امنحيني إياه‬       ‫عرضية‪ .‬لقد أوصلت للتو‬
      ‫تخاطبه بصوت هادئ‪:‬‬                                               ‫الأطفال إلى المدرسة‪ .‬كنت‬
  ‫‪ -‬أتريد أن تقفز؟ هيا إذن‪.‬‬                    ‫وإلا انتحرت!(‪)2‬‬       ‫سأح ِّضر لنفسي قد ًحا من‬
   ‫م َّدت ذراعيها ذاتي الكمين‬        ‫بدون أن تنظر إليه‪ ،‬تنهدت‬
  ‫الصوفيين‪ ،‬ووضعت يديها‬             ‫المرأة ووضعت القدحين على‬              ‫القهوة‪ ،‬أتريد واح ًدا؟‬
    ‫على سروال [زوجها]‪ ،‬ثم‬                                              ‫توجهت المرأة إلى المطبخ‪،‬‬
    ‫دفعته من قدميه‪ .‬أح َّست‬                      ‫طاولة تخييم‪:‬‬           ‫في حين دلف الرجل إلى‬
‫بثوب [سروال زوجها] يفارق‬              ‫‪ -‬منذ سنوات وأنت تكرر‬            ‫قاعة الأكل‪ .‬وبينما كانت‬
 ‫كفيها‪ ،‬بحرارة جسد زوجها‬             ‫نفس الكلام‪ ،‬ولكنك تفشل‬            ‫تصب الماء في غلاية ال ُب ِّن‬
                                                                   ‫الإلكترونية‪ ،‬سمعت [زوجها]‬
          ‫تبتعد عن أناملها‪..‬‬                       ‫على الدوام‪.‬‬
      ‫ارت َّدت يداها بعنف على‬       ‫ها هو ذا قد عاد‪ ،‬وكل شيء‬                     ‫يصرخ قائ ًل‪:‬‬
      ‫وجهها وكأنها مخالب‪،‬‬                                                   ‫‪ -‬أين حقيبة يدك؟‬
 ‫مخفية عينيها وهي تتراجع‪،‬‬              ‫قد بدأ من جديد‪ :‬إهاناته‪،‬‬      ‫عضت شفتها السفلى وهي‬
‫تتراجع من عنف ارتداد يديها‬         ‫وتهديداته‪ ،‬ومساوماته‪ ..‬ألن‬
   ‫على وجهها حتى التصقت‬                                                         ‫تغمض عينيها‪.‬‬
 ‫بجدار قاعة الطعام المواجهة‬           ‫ينتهي هذا الأمر أب ًدا؟ ألن‬   ‫‪ -‬أ ْخ َف ْيتِها أليس كذلك؟ هيا‪،‬‬
 ‫للنافذة التي منها اصطدمت‬                          ‫ينتهي أب ًدا؟‬
       ‫الجمجمة [بالإسفلت]‪.‬‬                                              ‫اعترفي أين أخفيتها وإلا‬
  ‫بين باب الرواق المؤدي إلى‬          ‫التفتت نحوه‪ ،‬كان منتصبًا‬       ‫س ُأه ِّشم َف َّك ْي ِك! أعطني المال‬
 ‫غرف الأطفال‪ ،‬وآخر موارب‬                 ‫وسط زهور الغرنوقي‬
      ‫يبدو من ُفرجته فراش‬                                                       ‫أيتها الحقيرة!‬
‫الزوجية‪ ،‬كانت المرأة ‪-‬أسفل‬           ‫وأفكاره المائعة تشرف على‬       ‫أخذت الزوجة الشابة [قط ًعا‬
   ‫صورة بإطار‪ -‬تعاني من‬                               ‫الثلاجة‪.‬‬     ‫من] السكر وملاعق‪ ،‬في نفس‬
 ‫انقطاع في التنفس‪ ،‬بدون أن‬                                         ‫الوقت الذي كان فيه السائل‬
  ‫تزيل يديها من على وجهها‪.‬‬                 ‫‪ -‬انتبه إلى الزهور‪..‬‬
      ‫لم يبلغ سمعها صوت‬                ‫كانت ساقا الزوج‪ ،‬الفاقد‬         ‫الأسود يتق َّطر‪ .‬بعد ذلك‬
    ‫اصطدام زوجها بإسفلت‬             ‫لتوازنه‪ ،‬ترتعدان‪ ،‬كما كانت‬     ‫وصلت إلى قاعة الأكل حاملة‬
  ‫المرأب‪ ،‬ولكن طبلات أذنيها‬
   ‫لم تلبث أن سمعت صخبًا‬                 ‫المزهريات تصطدم مع‬          ‫القدحين والدخان يتصاعد‬
   ‫جنونيًّا قاد ًما من الأسفل‪.‬‬                 ‫بعضها البعض‪.‬‬                    ‫منهما‪ ،‬ثم قالت‪:‬‬
     ‫أخي ًرا جلست على مقعد‪.‬‬
   ‫ثم أحست بعد ذلك برغبة‬                   ‫‪ -‬أعطني النقود أو‪..‬‬           ‫‪ -‬أتعرف يا «جيمي»‪،‬‬
                                       ‫اقتربت منه زوجته التي‬          ‫يستحيل أن يستمر الحال‬
                                        ‫كانت تلبس كنزة زرقاء‬         ‫على هذه الشاكلة‪ ،‬إن الأمر‬
                                     ‫مزدانة بضفائر‪ .‬نظرت إلى‬          ‫غير ممكن؛ فهناك فاتورة‬
                                       ‫الثلاجة حيث كانت قدما‬
                                   ‫«جيمي» متوثبتين إلى الأمام‪،‬‬                      ‫الكراء‪ ،‬و‪..‬‬
                                     ‫فكرت في حياتها الزوجية‪..‬‬      ‫كانت ستائر الباب الزجاجي‬
                                       ‫حتى أن كل شيء مر في‬         ‫مزاحة‪ ،‬ففتحه «جيمي»‪ ،‬وفي‬
                                   ‫رأسها كقطار سريع لا تملك‬        ‫الشرفة اعتلى ثلاجة معطوبة‬
                                   ‫القدرة على إيقافه‪ ..‬كانت هي‬
   181   182   183   184   185   186   187   188   189   190   191