Page 183 - m
P. 183

‫حول العالم ‪1 8 1‬‬

  ‫الفصول السبعة الأولى من الرواية‬

   ‫مرت بجنبات جدار معمل‬             ‫عمودية متموجة زرقاء‬                ‫‪I‬‬
‫للتعليب مبني من طوب أحمر‬           ‫ووردية‪ .‬أما اللوحة التي‬
                                 ‫تجسد كلبًا من أصل ألماني‬        ‫أغلقت أياد نسائية جميلة‬
    ‫صغير‪ ،‬تفوح منه روائح‬            ‫يخرج لسانه فقد كانت‬               ‫غطاء حقيبة صغيرة‬
     ‫زيت مب َّرد‪ .‬عبثت الريح‬        ‫بشعة‪ .‬على أحد جداري‬
   ‫بخصلات شعرها الأسود‬            ‫الرواق‪ ،‬تم تثبيت علبة من‬     ‫موضوعة على طاولة‪ .‬كانت‬
   ‫فأبانت عن جبين منكسة‪،‬‬        ‫البلاستيك الشفاف بداخلها‬      ‫حقيبة أطفال مزدانة بخطوط‬
    ‫قبالة الأرضية الرخامية‬          ‫دمية نورماندية ترتدي‬
     ‫البيضاء للدرج المتحرك‬       ‫اللباس التقليدي‪ .‬ثم أطفأت‬       ‫متقاطعة رمادية‪ -‬زرقاء‪.‬‬
                                                                  ‫بإبهام ْي يديها‪ ،‬أوصدت‬
        ‫للمستشفى البحري‪.‬‬                     ‫المرأة الضوء‪.‬‬
      ‫في الواجهة يشمخ حي‬       ‫على عتبة الشقة‪ ،‬أغلقت الباب‬            ‫السيدة قفلي الحقيبة‬
   ‫الزودياك ببرج قو ِسه ذي‬                                    ‫الحديدين بدون أدنى صوت‪.‬‬
   ‫الطوابق الثلاثة والثلاثين‪،‬‬    ‫المليء بآثار ركلات الأقدام‪.‬‬
  ‫بالإضافة إلى كل من أبراج‬     ‫استدعت مصع ًدا كان رائحته‬           ‫تناولت معطفها من على‬
‫لاغلاسري‪ ،‬وحي الموسيقيين‬                                          ‫كرسي وارتدته في عتمة‬
                                 ‫عطنة‪ .‬في الطابق الأرضي‪،‬‬      ‫غرفة الطعام‪ ،‬التي لا يضيئها‬
       ‫المستلقي على المنحدر‬    ‫أمام صناديق البريد المخربة‪،‬‬     ‫سوى مصباح موضوع على‬
                 ‫الصخري‪.‬‬         ‫دفعت باب سلالم [العمارة]‬         ‫صوان المطبخ‪ .‬من خلال‬
                                                                ‫ساترين صناعيين كبيرين‬
  ‫عبرت المرأة الشارع شديد‬                              ‫(‪.)1‬‬        ‫وشفافين مفتوحين على‬
 ‫الإضاءة ذي الممرات الستة‪.‬‬         ‫في الخارج‪ ،‬عبرت موقف‬        ‫باب زجاجي انسيابي‪ ،‬تبدو‬
                               ‫السيارات‪ ،‬ثم سارت بمحاذاة‬         ‫شرفة هذا الطابق الحادي‬
    ‫كان إسفلت هذا الشارع‬           ‫السياج الحديدي المتهالك‬
  ‫المعانق للبحر ناع ًما‪ ،‬يحمل‬                                                      ‫عشر‪.‬‬
‫رسو ًما لأسهم عملاقة لامعة‬           ‫لملعب كرة القدم‪ ،‬الذي‬    ‫من بين الستائر‪ ،‬نلمح البحر‬
   ‫ومحددة للاتجاهات‪ ،‬غير‬          ‫تحيط به أسوار العمارات‬
 ‫أن المرأة لم تكن تتبعها‪ .‬فقد‬     ‫العالية‪ .‬على دكة ارتمى في‬      ‫تحت حجب الليل المرصع‬
‫عبرت الممر على مستوى خط‬          ‫إعياء مجموعة من الشباب‬        ‫بالنجوم‪ ،‬والهياكل الحديدية‬
‫السكة الحديدية الوحيد الذي‬       ‫يعتمرون طواق‪ ،‬لم تعرهم‬       ‫الضخمة الخاصة بـ(الورش‬
   ‫لا تمر منه سوى قطارات‬       ‫أي اهتمام‪ .‬عطفت نحو مقهى‬
 ‫البضائع‪ .‬وهنا‪ ،‬تركت زقا ًقا‬    ‫حانة «لو غران فرتيج»‪ ،‬قبل‬         ‫الميكانيكي النورماندي)‪.‬‬
  ‫قذ ًرا خلف ظهرها وتوقفت‬                                           ‫لفت المرأة وشا ًحا على‬
                                     ‫أن تتجه صوب الميناء‪.‬‬
                                                               ‫رقبتها‪ .‬كان الورق الحائطي‬
                                                                ‫لقاعة الأكل مزينًا بخطوط‬
   178   179   180   181   182   183   184   185   186   187   188