Page 7 - m
P. 7
افتتاحية 5
تكن تصلح للزراعة في أي وقت لأنه ليس أب ًدا ولا تقم على قبره” (التوبة ،)84 :وفي
تحتها أي مياه). موضوع أسرى بدر «ما كان لنبي أن يكون
له أسرى حتى يثخن في الأرض” ،إلى قوله:
فقط أود الإشارة إلى أن لدينا دائ ًما
-كمسلمين -سرديتين حول كل قصة “لمسكم فيما أخذتم”.
إيمانية تخص موسى والمسيح :السردية هذا يعني أن النبي -محمد هنا على سبيل
التي يقدمها العهدان القديم والجديد ،والتي المثال -لم يكن الوحيد الذي يصلح لحمل
يؤمن بها كل اليهود والمسيحيين حتى اليوم،
وسردية أخرى وردت في القرآن ،ويؤمن بها الرسالة ،فلماذا اختاره الله دون غيره؟
المسلمون وحدهم ويعتقدون أنها الأصح، بالطبع لا توجد إجابة لأننا -كبشر -لا
السرديتان تتقاطعان أحيا ًنا وتختلفان في ندخل في علم الله ونعرف لماذا فضل من
كثير من الحالات ،كما سأبين ،ويعزي فضله ،لكن ما نعرفه أن الأنبياء أنفسهم هم
المسلمون هذه الاختلافات إلى أن الكتب الذين قالوا إن الله اختارهم ،دون غيرهم
القديمة تم تحريفها .فعن تحريف التوارة ممن يصلحون ،ودون شاهد واحد على
ورد قوله تعالى“ :من الذين هادوا يحرفون ما قالوه ،وهذا ما يجعل السؤال منطقيًّا،
الكلم عن مواضعه” (المائدة ،)13 :وقوله: بل وضرور ًّيا :من أخبرهم بهذا الاختيار؟
“ومن الذين هادوا س َّما ُعون للكذب س َّما ُعون
لقوم ءاخرين لم يأتوك يح ِّرفون ال َكلِ َم وكيف؟ نحن نتحدث هنا عن الأنبياء
من بعد مواضعه” (المائدة ،)41 :ويستدل الإبراهيميين دون غيرهم ،لأن (غيرهم) لهم
المسلمون على تحريف الإنجيل بالكثير من سرديات أخرى ترتبط بآلهة أخرين غير الله
القصص والروايات التي لا يرونها صحيحة، الذي نعبده ،وهم يشكلون حوالي %50من
ومنها قضية التثليث في الاعتقاد المسيحي:
«لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة”، عدد سكان الأرض الذين يصلون إلى ()8
و»لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مليار نسمة إلا قلي ًل.
مريم” (المائدة ،)72 :كما ورد في إنجيل لوقا
“فأجاب الملاك وقال لها“ :الروح القدس سأحاول أن أستجلي هذا الأمر من داخل
يحل عليك ،وقوة العلي تظللك ،فلذلك أي ًضا النصوص المقدسة نفسها :العهدين القديم
القدوس المولود منك يدعى ابن الله» (لو :1
،)35والمعنى أنهم يفتئتون على الله بتغيير والجديد ،والقرآن والسنة المنسوبة إلى
النبي (ص) ،ومناقشة منطقيتها ،وبيان
كلامه. التعارض إن وجد ،خاصة أنهم -كما سبق
ثم إن قصة صلب عيسى وموته ودفنه كما وأوضحت -لم يتركوا أث ًرا واح ًدا يدل على
وردت في الإصحاح ( )19في إنجيل يوحنا، وجودهم ،أو نقو ًشا تحتوي تعليماتهم،
تخالف الرواية الإسلامية من أن المسيح لم بالرغم من أن موسى كان مصر ًّيا وتقاطع
يمت ،وإنما ُرفع إلى السماء .ففي الإصحاح
(“ :)19فخرج وهو حامل صليبه إلى الموضع مع فرعون مصر ،ولم تذكره النقوش
الذي يقال له (موضع الجمجمة) ويقال له على المعابد والأهرامات التي ذكرت معظم
بالعبرانية جلجثة .حيث صلبوه ،وصلبوا الفراعين وزوجاتهم وأبناءهم ورجال
اثنين آخرين معه من هنا ومن هنا ،ويسوع حاشيتهم وكهنتهم ومهندسيهم ،بل
و ُع َّمالهم ..إلخ ،وأن الجزيرة العربية كانت
في الوسط .فلما أخذ يسوع الخل قال :قد -ولا تزال -صحراء قاحلة بلا مياه جوفية،
أكمل .ونكس رأسه وأسلم الروح .وأما وبالتالي فإن آثارها لا تندثر بسهولة ،في
حالة وجود آثار طب ًعا( .يذكر هنا أن «دان
جيبسون» وهو كاتب كندي يدرس تاريخ
الجزيرة العربية والإسلام ،أخذ عينة من
تربة الحجاز وفحصها ،وتوصل إلى أنها لم