Page 10 - m
P. 10
العـدد 55 8
يوليو ٢٠٢3
يغير اسمه ويغير اسم رسله. الإسلام اسمه شعيب ،وهناك اختلافات
جملة هذه الاختلافات -إذن ،دون موضوع حول من يكون ،فقيل «هو شعيب رسول
الله عليه الصلاة والسلام ،وهذا هو المشهور
اختلاف الأسماء -تتركز في التأكيد على عند كثيرين .وممن نص على ذلك الحسن
عملية الاصطفاء والبعث ،والتبليغ عن طريق البصري ومالك بن أنس وجاء مصر ًحا به في
حديث ولكن في إسناده نظر .وقيل إن الشيخ
الوحي «وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى»، المذكور غير شعيب نبي الله ،وإنما هو ابن
والمقصود بالتأكيد ليس إثبات نبوة موسى، أخيه ،أو ابن عمه ،أو رجل مؤمن من قومه.
فقد كانت ثابتة قبل الإسلام بقرون عديدة، انظر البداية والنهاية لابن كثير”( .)1كما أن
هناك اختلاف حول اسم الجبل الذي حدث
ولكن المقصود هو التأكيد على بعث محمد فوقه التكليف ومكانه ،ففي التوراة هو جبل
وإلهية القرآن. حوريب ،وفي الإسلام هو الوادي المقدس
طوى ،وهناك اختلافات بين المتقدمين عن
لكن النقطة المهمة في التشابه بين الروايتين،
والتي أرمي إليها هنا ،هي أن أح ًدا من البشر معنى اسمه وتحديد مكانه.
كما أن هناك اختلا ًفا كبي ًرا أي ًضا في طريقة
لم يكن حاض ًرا هذا اللقاء بين الله وموسى
بن عمران ،فأهله في الرواية الإسلامية كانوا نطق اسم الله واسم النبي موسى ،ففي
(سفر الخروج )18 : 31في العهد القديم
بعيدين لأنه تركهم وصعد الجبل ،وبالتالي -على سبيل المثال -يرد النص بالعبرية
فإن المصدر الوحيد للرواية هو موسى هكذاַ “ :ו ְי ִהי ַא ֲח ֵרי ַה ְ ּד ָב ִרים ָה ֵא ֶּלה ְו ָנ ַתן
وحده!
ְיה ָוה ְל ֹמ ֶׁשה ְ ּב ַהר ִסי ַני ְׁש ֵני ֻל ֹחת ָה ֵע ֻדת
من أبلغ عيسى باصطفائه نب ًّيا؟ ֻל ֹחת ֶא ֶבן ְ ּכ ֻת ִבים ְ ּב ֶא ְצ ַּבע ֱאֹל ִהים”(،)2
ونترجمه بالعربية إلى «ثم أعطى موسى
“المسيح في اللغة العبرية ָמ ִׁשי ַח تعني
(ماشيح) من الفعل مشح أي مسح(،)3 عند فراغه من الكلام معه في جبل سيناء
ومعناها في العهد القديم “الممسوح بالدهن لوحي الشهادة :لوحي حج ٍر مكتوبين
المقدس” الذي كان ُيصنع من زيت الزيتون
مضا ًفا إليه عد ًدا من الطيوب ،وقد ظل بإصبع الله» ،في حين أن اسم الخالق في
هذا التقليد حتى أيامنا هذه في المسيحية العبرية هو «יהוה” وينطق “ ”Yahwehأو
في سر الميرون؛ وكان الشخص أو الشيء “ ،”Jehovahوبالعربية «يهوه» .أما اسم
الذي مسح يصبح مقد ًسا ومكر ًسا للرب؛ موسى النبي بالعبرية فهو “ ֹמ ֶׁשה” ،ويتم
وحصر استخدامه للكهنة ،الملوك والأنبياء،
ولهذا دعوا بـ»مسحاء الرب” ،ومفردها نطقه «« ”Mosheموشى» أو «موشا».
مسيح الرب ،ويصفهم الله بـ»مسحائي”؛ أعرف أن كثيرين لا يلتفتون إلى هذا الخلاف
لكن الوحي الإلهي في أسفار العهد القديم
يؤكد أن هؤلاء المسحاء جمي ًعا؛ كانوا ظ ًّل في اسم الخالق بين الديانات السماوية،
ورم ًزا للآتي والذي دعي منذ داود فصاع ًدا وكذلك الاختلاف في نطق أسماء الأنبياء،
بـ(المسيح) ،وكانوا جمي ًعا متعلقين بمسيح فالمسلمون يسمون نبي المسيحية «عيسى»
المستقبل الذي سيأتي في ملء الزمان ،ودعاه بينما المسيحيون لا يعرفون هذا الاسم،
دانيال النبي “المسيح الرئيس” ،و”المسيح” ويسمونه «يسوع” ،أعرف أن هذا المبحث
و”قدوس القدوسين” ،لأنه سيجمع في أُهمل في الدراسات الدينية ،ولكنني أعتبره في
شخصه الصفات الثلاث :الكاهن والنبي غاية الأهمية إن كنا نتحدث عن إله واحد ،هو
والملك؛ ولا تزال الديانة اليهودية تنتظر الذي أرسل كل الرسل ،وهو الذي أملى كل
الكتب ،وبالتالي فليس عقلانيًّا ولا منطقيًّا أن