Page 15 - m
P. 15
13 افتتاحية
مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسور ٍة من مثله فاصطفاه لنفسه فابتعثه برسالته ،ثم نظر
وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم في قلوب العباد بعد قلب محم ٍد فوجد قلوب
صادقين” (البقرة.)23 :
أصحابه خير قلوب العباد فجعلهم وزراء
بل ربما صبغ الإسلام الأنبياء من قبله بتلك
الصبغة وأكد عليها ،فقد رأينا أن (يهوه) نبيه يقاتلون على دينه” .وإخباره بأنه نبي
حين كلم موسى كان يريد إرساله إلى مرسل إلى قومه ليبشرهم بوحدانية الله “إنا
أرسلناك بالحق بشي ًرا ونذي ًرا ولا تسأل عن
فرعون ليخلص اليهود من عذابه ،ورأينا أن أصحاب الجحيم” (البقرة« ،)119 :وأرسلناك
«يسوع» لم يكن مرس ًل من الله بل كان هو للناس رسو ًل وكفى بالله شهي ًدا” (النساء:
الله ،وأنه لم يتنزل عليه كتاب ،وإنما كتب “ ،)79كذلك أرسلناك في أم ٍة قد خلت من
رسله وتلامذته وصاياه ،كما كان الصحابة قبلها أم ٌم لتتلو عليهم الذي أوحينا إليك”
يكتبون الأحاديث عن النبي ،بالرغم من ذلك (الرعد ،)30 :وبما ينتظر المؤمنين من جنان
فإن السردية الإسلامية سحبت هذه الصورة
النعيم ،وما ينتظر المكذبين من عذاب أليم:
المثلى على ما سبقها :الله الواحد (وليس “ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنا ٍت تجري
الثلاثة) الذي لا يلد (لا يسوع ولا غيره)، من تحتها الأنهار خالدين فيها ويك ِّفر عنهم
يصطفي عب ًدا بشر ًّيا من عباده (حتى لو سيئاتهم وكان ذلك عند الله فو ًزا عظيما،
لم يولد من أب بشري) ،ويرسله إلى قومه،
ويرسل إليه ملك من عنده (جبريل) ليملي ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين
والمشركات الظانين بالله ظن السوء عليهم
عليه كتا ًبا يبلغه للناس.
لكن للإجابة عن سؤال :من أخبر محم ًدا بأن دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم
(الله) اختاره رسو ًل لأهله وللعالمين؟ يحتاج وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا” (الفتح5 :
أن نرجع إلى الوراء قبل البعثة بسنوات ،كيف و ،)6ونزل عليه كتاب من الله بواسطة الملك
كان محمد قبل البعثة؟ وما مفهومه ومفهوم
معاصريه عن النبوة؟ قبل أن نعرج على بداية جبريل ،فيه أسس هذه العقيدة وتعاليمها:
تلقيه الوحي ،وعلاقته بجبريل الذي يرسله “ون َّزلنا عليك الكتاب تبيا ًنا لكل شي ٍء وه ًدى
(الله) إلى الأنبياء ،والكيفية التي كان يتنزل ورحم ًة وبشرى للمسلمين” (النحل،)89 :
بها الوحي عليه. “ن َّزل عليك الكتاب بالحق مصد ًقا لما بين
يديه” (آل عمران« ،)3 :وإن كنتم في ري ٍب
تقول الروايات أن محم ًدا كان مختل ًفا عن
قومه ،وإنه لم يشاركهم
عبادة آلهتهم ،وكان يقف
بعرفة في الحج ،رغم أنهم لم
يكونوا يقفون به إعلاء لشأن
الكعبة التي يقومون على
خدمتها لزيادة الحجاج إليها،
وبالتالي زيادة محصولهم.
وبعض الروايات تقول إنه
كان حنيفيًّا مثل الأربعة
الكبار :ورقة بن نوفل وعبد
الله بن جحش وعثمان بن
الحويرث وزيد بن عمرو بن