Page 12 - m
P. 12

‫العـدد ‪55‬‬                                       ‫‪10‬‬

                                              ‫يوليو ‪٢٠٢3‬‬

                                ‫الصبي”‪.‬‬           ‫امرأته بعد الحلم) ستلد ول ًدا (من الروح‬
  ‫لو أكملنا مع إنجيل متى سنرى أن يوسف‬                                          ‫القدس)‪.‬‬

     ‫حين رجع بعائلته من مصر إلى «أرض‬             ‫بقية القصة في (الإصحاح الثاني) أنه ولد‬
  ‫إسرائيل»‪« ،‬سمع أن أرخيلاوس يملك على‬              ‫في ظل الملك هيرودس‪ ،‬وأن مجو ًسا من‬
‫اليهودية عو ًضا عن هيرودس أبيه‪ ،‬خاف أن‬
   ‫يذهب إلى هناك وإذ أوحي إليه في (حلم)‪:‬‬      ‫الشرق أتوا إلى أورشليم يسألون عن المولود‬
‫انصرف إلى نواحي الجليل”‪ ،‬فاستقر بعائلته‬        ‫(ملك اليهود) إذ رأوا نج َم ُه في المشرق وأتوا‬
 ‫في الناصرة ومن هنا كانت تسميته “يسوع‬
 ‫الناصري”‪ ،‬وربما اشتقت كلمة “نصارى”‬              ‫ليسجدوا له (لا تعرف‪ :‬كيف رأوا نجمه؟‬
                                                    ‫وأين؟)‪ ،‬لكنهم لم يجدوه في أورشليم‪،‬‬
                               ‫منها كذلك‪.‬‬
    ‫في (الإصحاح الثالث) ستظهر شخصية‬              ‫فجمعهم الملك ووجههم إلى بيت لحم حيث‬
    ‫“يوحنا المعمدان” الذي كان يدعو الناس‬        ‫مكانه‪ ،‬وأن نج ًما سيهديهم إليه‪ ،‬وأوصاهم‬
  ‫للتوبة “لأنه قد اقترب ملكوت السماوات”!‬
 ‫‪-‬مرت ألفا سنة من دعوته ولم يأ ِت ملكوت‬            ‫أن يبلغوه حين يرونه‪ ،‬ووجدوه بالفعل‬
    ‫السماء الذي كان يقترب!‪ -‬وع َّمد الناس‬      ‫وسجدوا له‪« :‬ثم إذ أوحي إليهم في حلم أن‬
‫«بماء للتوبة”‪ ،‬وب َّشر بأن “الذي يأتي بعدي‬     ‫لا يرجعوا إلى هيرودس انصرفوا في طريق‬
    ‫هو أقوى مني الذي لست أه ًل أن أحمل‬
  ‫حذاءه هو سيعمدكم بالروح القدس ونار‪..‬‬            ‫أخرى إلى كورتهم‪ ،‬وبعدما انصرفوا إذا‬
  ‫الذي رفشه في يده وسينقي بيدره ويجمع‬           ‫ملاك الرب قد ظهر ليوسف في حلم قائ ًل‪:‬‬
    ‫قمحه إلى المخزن وأما التبن فيحرقه بنار‬    ‫قم وخذ الصبي وأمه واهرب إلى مصر وكن‬
   ‫لا تطفأ‪ ..‬حينئذ جاء يسوع من الجليل إلى‬
  ‫الأردن إلى يوحنا ليعتمد منه‪ ..‬ولكن يوحنا‬        ‫هناك حتى أقول لك لأن هيرودس مزمع‬
   ‫منعه قائ ًل أنا محتاج أن أعتمد منك وأنت‬     ‫أن يطلب الصبي ليهلكه‪ ،‬فقام وأخذ الصبي‬
‫تأتي إل َّي! فأجاب يسوع وقال له‪ :‬اسمح الآن‬
   ‫لأنه هكذا يليق بنا أن نكمل كل بر‪ ،‬حينئ ٍذ‬              ‫وأمه لي ًل وانصرف إلى مصر”‪.‬‬
‫سمح له‪ ،‬فلما اعتمد يسوع صعد للوقت من‬               ‫الرواية المسيحية ‪-‬إذن‪ -‬كما وردت في‬
‫الماء وإذا السماوات قد انفتحت له فرأى روح‬     ‫إنجيل متى بنيت كلها على الأحلام! وتتحدث‬
‫الله ناز ًل مثل حمامة وأتيا عليه‪ ،‬وصوت من‬        ‫عن طفل ولد من أم فقط‪ ،‬دون أن تجتمع‬
‫السماوات قائ ًل هذا هو ابني الحبيب الذي به‬       ‫برجل‪ ،‬حبَّلها الروح القدس (كيف حبَّلها؟‬

                                ‫سررت”‪.‬‬               ‫ومن قال لها إن من حبلها هو الروح‬
  ‫سأعيد التذكير هنا بأن هذه الكتابة ليست‬      ‫القدس؟)‪ ،‬لكنه طفل كالأطفال‪ ،‬عرف المجوس‬
  ‫(عن) الدين‪ ،‬وإنما عن الثقافة الدينية‪ ،‬فهي‬
                                               ‫أنه سيصير (ملك اليهود) لأنهم رأوا نجمه‬
      ‫مشغولة بعرض النصوص على العقل‪،‬‬              ‫في المشرق (!!)‪ ،‬وأن النجم دل على مكانه‬
 ‫خاصة أنها مؤ َّولة من بشر‪ ،‬ليس ذلك فقط‪،‬‬
 ‫لكنها انبنت بالكامل على روايات بشر‪ ،‬مثلما‬    ‫وسار معهم حتى وقف فوقه‪ ،‬ثم أكمل الحلم‬
 ‫و َّضح ُت أن موسى هو الذي قال إن «يهوه»‬       ‫(الحلم مرة أخرى!) باقي الفصول‪ ،‬إذ (أتى‬
  ‫كلمه‪ ،‬ولم يشهد على ذلك أحد‪ ،‬وكذلك فإن‬
                                                   ‫وحي) للمجوس ‪-‬هكذا‪ ،‬للمجوس كلهم‬
   ‫حكاية مولد «يسوع» من «الروح القدس»‬            ‫بصيغة الجمع‪ ،‬دون ذكر مصدره‪ ،‬ودون‬
    ‫انبنت على (حلم) يوسف زوج أمه مريم‬           ‫ذكر مصدر الوحي‪ ،‬ومن هو المُو ِحي!‪ -‬ألا‬
                                                 ‫يعودوا للملك حسب اتفاقه معهم‪ ،‬ثم حلم‬
                                                  ‫يوسف مرة أخرى أن يحمل الطفل وأمه‬

                                                   ‫إلى مصر لينقذه من فتك هيرودس به‪..‬‬
                                                ‫ففعل! إلى أن حلم حل ًما ثالثًا (!!) حين مات‬
                                                ‫هيرودس‪ ،‬فقد جاءه ملاك الرب قائ ًل “قم‬
                                              ‫وخذ الصبي وأمه واذهب إلى أرض إسرائيل‬

                                                    ‫لأنه قد مات الذين كانوا يطلبون نفس‬
   7   8   9   10   11   12   13   14   15   16   17