Page 115 - m
P. 115

‫نون النسوة ‪1 1 3‬‬                                               ‫نازك الملائكة مع الرئيس جمال عبد الناصر‬

    ‫ونظر ًّيا من رفض للتقليدية والمعتادية في النقد‪،‬‬     ‫الأولى لفظة واحدة‪ .‬وهكذا ولدت الصورة الثالثة‬
   ‫جامعة السيرية بالنصية وعلم النفس بالألسنية‬                                 ‫من القصيدة عام‪.»1965‬‬
 ‫والسياقية بالمحايثة» (نادية هناوي مقال عن نازك‬
                                                         ‫صورة الناقدة التي ترسمها بهدوء عبر وصفها‬
                 ‫الملائكة في جريدة المدى ‪.)2020‬‬          ‫لعملها ببساطة تبتعد كثي ًرا عن صورة الشاعرة‬
  ‫بالمقابل كيف تصورت نازك الملائكة ذاتها النقدية‬      ‫التي تفيض عاطفية‪ ،‬فهي هنا موضوعية قادرة على‬
 ‫والأدبية؟ وكيف حاولت تشكيلها وخلقها والحوار‬             ‫البحث والتحليل‪ ،‬ولعل هذا ما أشارت له الناقدة‬

    ‫معها؟ تقول في مقدمة المجلد الثاني من أعمالها‬           ‫د‪.‬نادية هناوي عندما تحدثت عن رفض نازك‬
     ‫الكاملة‪« :‬في الشعر كما في الحياة يصح تطبيق‬        ‫الناقدة من قبل الوسط الأدبي الذكوري والاحتفاء‬
  ‫عبارة برنادشو (اللا قاعدة هي القاعدة الذهبية)‪،‬‬
     ‫لسبب هام‪ ،‬هو أن الشعر وليد أحداث الحياة‪،‬‬                                      ‫بنسختها الشاعرة‪.‬‬
                                                       ‫«ولو نظرنا إلى نازك الملائكة بمعزل عن صورتها‬
       ‫وليس للحياة قاعدة معينة تتبعها في ترتيب‬          ‫كشاعرة لاعترفنا لها بأنها صاحبة مشروع هي‬
‫أحداثها‪ ..‬ولا تناقض بين هذا الراي وما يقسم إليه‬
                                                          ‫فيه ناقدة مفكرة تمتلك منظو ًرا أصي ًل وجدي ًدا‬
   ‫النقاد الشعر من مدارس ومذاهب حين يقولون‪:‬‬                  ‫لا يختلف عن مشاريع كبار النقاد الغربيين‬
   ‫كلاسيكي‪ ،‬رومانتيكي‪ ،‬واقعي‪ ،‬رمزي‪ ،‬سريالي‪..‬‬
                                                         ‫كريشاردز وإليوت وبارت‪ ،‬نظ ًرا لما أعلنته عمليًّا‬
        ‫فهذه كلها ليست قواعد‪ ،‬وإنما هي أحكام»‪.‬‬
‫تتمرد الناقدة على القواعد‪ ،‬توصي بتخطيها والنظر‬

  ‫إلى أبعد من حدودها المرسومة‪ ،‬تصور ينتمي إلى‬
    ‫حد بعيد لفكرة الجندر‪ ،‬حيث القواعد والأصول‬

        ‫والمحددات أبوية محاطة بهالة من القدسية‬
‫تحرسها‪ ،‬قدسية معنوية ترتبط بالذكر الذي وضع‬

     ‫القواعد واحترمها وأثنى عليها‪ .‬في كتاب نساء‬
      ‫رفضن عبادة الرجل يشير المؤلف إلى أن ثمة‬
 ‫تشاب ًها بين الطبيعة والمرأة‪« :‬إن الطبيعة هي المرأة‬
    ‫المسقطة التي يسعى البطل التعالي عليها متو ًجا‬
   ‫بمغامراته التي تبرهن تفوق الذكر الفوق طبيعي‬
   ‫على الطبيعة العمياء والمتوحشة‪ ،‬تنعكس بالواقع‬
   ‫الاجتماعي في سيطرة الرجل العقل‪ /‬الحكمة على‬
 ‫المرأة العاطفة‪ /‬الغريزة المنطلقة بدون قيود كعجز‬
    ‫في التحكم‪ ،‬نتيجة غياب العقل أو نقصه لديها»‪.‬‬

             ‫(نساء رفضن عبادة الرجل‪ ،‬ص‪)44‬‬
‫نازك الملائكة امرأة مغايرة تركت بصمتها عمي ًقا في‬
‫الثقافة والشعر وحتى في الأكاديمية العراقية‪ ،‬نازك‬

  ‫التي تتواتر عنها أخبار الانضباط المتطرف أحيا ًنا‬
    ‫والحرص على اللغة وعلى الشعر وعلى الحدود‪،‬‬

 ‫هي ذاتها من تقتحم الحدود وتعلن أنها قد تمردت‬
   ‫عليها وعبرتها‪ ،‬كانت هذه محاولة لفهم الطريقة‬

 ‫التي تصورت أو صورت بها نازك الملائكة نفسها‬
                      ‫عبر مقدمات أعمالها الكاملة‬
   110   111   112   113   114   115   116   117   118   119   120