Page 111 - m
P. 111

‫نون النسوة ‪1 0 9‬‬

                                                                        ‫(تخييل الذات)‪ .‬الذي بدأ‬
                                                                       ‫أولا من توضيح لفكرتين‪:‬‬
                                                                       ‫تتعلق الأولى بالمقدمة‪ ،‬فيما‬
                                                                        ‫تشرح الثانية ما المقصود‬
                                                                       ‫بتخييل الذات‪ ،‬قبل أن نبدأ‬

                                                                           ‫بالبحث عنه عند نازك‬
                                                                                       ‫الملائكة‪.‬‬

                                                                       ‫مقدمات الدواوين‬

                                                                       ‫مقدمة الديوان هي نص‬

                                                                       ‫شارح للشعر‪ ،‬هذا وصفه‬

                                                                       ‫البسيط الموجز‪ ،‬ومثل كل‬

                                                                       ‫نص شارح لعمل أدبي‬

                                                                       ‫سيقوم بتفسير وتوضيح‬

‫فاطمة المحسن‬  ‫علي محمود طه‬                             ‫سيرج دوبروفسكي‬      ‫وإعطاء العلل لبعض‬
                                                                       ‫التفاصيل‪ ،‬هذه التفاصيل‬
                                                                       ‫أسميتها أنا تخيي ًل ذاتيًّا‪،‬‬
   ‫مقدمته نقدية بصورة أوضح وفيها بعض الآراء‬            ‫وبحثت من خلالها عن تلك المرآة التي حاولت فيها‬
‫الحادة من الأدب والحياة‪ ،‬مث ًل تقول‪« :‬وقد لاحظت‬
                                                       ‫نازك الملائكة أن تعكس صورة معينة فيها للقراء‪،‬‬
     ‫خلال دراستي للآداب المعاصرة هذه الملاحظة‬
   ‫الطريفة‪ :‬لاحظت أننا في هذا العصر‪ ،‬قد أصبحنا‬         ‫وكأن الشعر لوحده غير قادر على ذلك‪ ،‬بعض تلك‬
   ‫ننسى المدلول الخاص لكلمة البدر فنهملها إهما ًل‬
   ‫يكاد يكون كليًّا‪ ،‬ونوثر عليها لفظ القمر‪ ،‬وق َّل في‬  ‫الانعكاسات كانت ذاتية تمحورت حول شخصيتها‬
 ‫الشعر المعاصر من يرضى استعمال كلمة بدر‪ ،‬إلا‬
‫في الحالات النادرة‪ ،‬وأنا أعترف بأنني أكلف نفسي‬         ‫التي اختارت الحزن وسيلة لفهم الحياة وما‬
   ‫أحيا ًنا متاعب كثيرة‪ ،‬لكي لا أستعملها‪ ،‬والتعليل‬
‫السايكلوجي لهذا يسير‪ ،‬فأنا وسواي نتذكر بلاشك‬           ‫يترتب عليه من تشاؤم وإحباط‪ ،‬هذه الفكرة الذاتية‬

     ‫تلك العشرات من الأبيات الصماء النافرة التي‬        ‫تقاطعت مع فكرة أدبية وثقافية كانت تميل للتمرد‬
  ‫تركها شعراء العصر المنطفئ الماضي‪ ،‬واستعملوا‬
                                                                       ‫وللتغيير رافضة القواعد والسكون‪.‬‬
    ‫فيها كلمة بدر حتى جردوها من جمال معناها‪،‬‬
  ‫وأطفأوها‪ ،‬وأبقوا منها ظلالهم هم عليها» (مقدمة‬        ‫المقدمات كتبت لمجلد أعمالها الكاملة‪ :‬المجلد الأول‬

                           ‫المجلد الثاني ص‪.)10‬‬         ‫كان لمطولة مأساة الحياة‪ ،‬وفيه ذكرت تفاصيل‬
  ‫تخييل الذات أنه الطريقة التي يحاول فيها الكاتب‬
‫أن يصنع صورته التي يريد‪ ،‬أو لنسمها هويته التي‬          ‫تخص هذه القصيدة ونسخها المتعددة فتقول‪« :‬وانا‬
  ‫يختار أن يعرضها على القراء‪ ،‬بمعنى أنها تخضع‬
   ‫للصنعة وللوعي‪ ،‬وهي بالتالي تدخل ضمن لعبة‬            ‫اليوم إذ أقدم مطولتي بأشكالها الثلاثة إنما أرجو‬

    ‫التخييل الأدبي رغم ما تبدو عليها ‪-‬وأعني هنا‬        ‫أن يعذرني القارئ بعد أن قصصت عليه التاريخ‬
‫مجال الكتابة الخاصة بالمقدمة‪ -‬من واقعية وارتباط‬
                                                       ‫النفسي لها وصلتها بالتيارات الخفية من عواطفي‬

                                                       ‫وآرائي وحياتي»‪« .‬واليوم إذ أقدم الصور الثلاث‬
                                                       ‫إلى المطبعة‪ ،‬أحس أنني أقدم عم ًل أدبيًّا متكام ًل‪،‬‬
                                                       ‫لأن الشعر قد يقرأ لمجرد كونه شع ًرا‪ ،‬هذه المطولة‬
                                                         ‫بصورها الثلاث تدل على خط التطور في شعري‬

                                                       ‫ما بين السنوات من ‪ 1945‬إلى ‪ ،»1965‬وقد وقعت‬

                                                       ‫نازك الملائكة هذا التقديم بحمدون ‪.1970‬‬

                                                       ‫أما المجلد الثاني فكان بعنوان شظايا ورماد‪ ،‬وكانت‬
   106   107   108   109   110   111   112   113   114   115   116