Page 106 - m
P. 106

‫الكتاب الخامسة أقرت بأنها لم تكن أول‬                      ‫إن نازك الملائكة ‪-‬الشاعرة‪-‬‬
  ‫من كتب هذا اللون من الشعر‪ ،‬وأن هناك‬                      ‫عاشت عصرها القلق وتحولات‬

          ‫من سبقها بذلك منذ عام ‪.1932‬‬                         ‫المجتمع الذى تنتمي إليه‪،‬‬
   ‫وقد عاصر ريادة نازك الشاعر العراقي‬                           ‫فعبرت بصدق عن كل ما‬
‫بدر شاكر السياب خاصة فى ديوانه (أزهار‬                            ‫يحول دون تغيير الواقع‬
    ‫ذابلة) الذى صدر أي ًضا عام ‪ 1947‬وبه‬
‫تجارب من الشعر الحر‪ ..‬ثم توالي الشعراء‬                        ‫إلى الأفضل‪ .‬وهى مضامين‬
                                                            ‫ومعطيات لم يكن يستطيع‬
                ‫على امتداد الوطن العربي‪.‬‬                  ‫أن يعبر عنها سوى من يملك‬
 ‫وتميزت نازك الملائكة بالإبداع والنقد م ًعا‬               ‫أدوات الشعر امتلا ًكا حقيق ًّيا‪..‬‬
                                                             ‫لأن الشعر هو الفن الأسبق‬
   ‫خاصة فى كتبها‪ :‬قضايا الشعر الحديث‪،‬‬                      ‫إلى تجسيد المعاناة والتعبير‬
    ‫سيكولوجية الشر‪ ،‬الصومعة والشرفة‬                       ‫عن قضايا الإنسان وطموحاته‬
 ‫الحمراء‪ .‬أودعت فيها رؤاها النقدية للشعر‬
 ‫حيث ترى أن فن الشعر لا يعرف الحدود‬                                               ‫المحبطة‪.‬‬
  ‫أو القيود‪ ..‬وهى تستبطن النص الشعري‬
     ‫فى نقدها وتستنطقه وتعايشه بطاقتها‬                          ‫عن هؤلاء الشعراء السابقين عليها والذين لم‬
                                                          ‫يواصلوا إبداعهم بنفس الحماسة والجسارة اللتين‬
      ‫الشعرية التذوقية لتخرج لنا أسراره‬                     ‫تميزت بهما نازك‪ ،‬وبفضل الترحيب بتجربتها فى‬
                              ‫وجمالياته‪.‬‬                  ‫الوسط الثقافي العربي والسير على نهجها فى العراق‬

       ‫ونازك تجيد من اللغات‪ :‬الإنجليزية‬                                            ‫ولبنان ومصر فيما بعد‪.‬‬
           ‫والفرنسية والألمانية واللاتينية‬                   ‫ونازك الملائكة (‪ )2007 -1923‬ولدت فى بغداد‬

        ‫بالإضافة إلى العربية‪ ..‬وقد ترجمت‬                          ‫فى بيئة ثقافية رحبة‪ ،‬وحصلت على شهادة‬
      ‫بعض مسرحيات شكسبير شع ًرا على تفعيلة‬                  ‫الماجستير فى الأدب المقارن من جامعة وسكنسن‬
                                                            ‫فى أمريكا‪ ،‬وعاشت فى القاهرة منذ عام ‪ 1990‬فى‬
                                    ‫بجر الخبب‪.‬‬              ‫عزلة اختيارية‪ ،‬وتوفيت ودفنت فى مقبرة عائلتها‬
‫أما إبداعها الشعري فقد اهتم بالقضايا الإنسانية‪..‬‬
‫ونراها تجمع بين التراث العربي والتراث الإنساني‬                                                   ‫بالقاهرة‪.‬‬
  ‫فى شعرها ونقدها‪ .‬ولقد عبرت نازك فى أشعارها‬                      ‫ولها مجموعات شعرية منها‪ :‬عاشقة الليل‬
 ‫عن تلك الذات المنطوية بين أحضانها منذ طفولتها‬                ‫(‪ ،)1947‬شظايا ورماد (‪ ،)1949‬قرارة الموجة‬
                                                          ‫(‪ ،)1957‬شجرة القمر (‪ ،)1968‬ويغير ألوانه البحر‬
     ‫المبكرة‪ ،‬وعن نزعات الوحشة والاغتراب التى‬                 ‫(‪ ،)1970‬الصلاة والثورة (‪ .)1978‬ومجموعة‬
  ‫صاحبتها طوال حياتها‪ .‬تقول فى قصيدتها (أنا)‪:‬‬                ‫قصصية بعنوان (الشمس التى وراء القمة) عام‬
                                                             ‫‪ ،1997‬وقد أصدرت كتابها المهم (قضايا الشعر‬
                              ‫الليل يسأل من أنا‬            ‫المعاصر) لتؤصل فيه الشعر الحر‪ ..‬لكنها فى طبعة‬
                    ‫أنا س ُّره القل ُق العمي ُق الأسو ُد‬

                               ‫أنا صمته المتمر ُد‬
                           ‫قنّع ُت ُكنهى بال ّسكو ْن‬
                           ‫ولفف ُت قلبى بالظنو ْن‬

                              ‫وبقي ُت ساهم ُة هنا‬
                          ‫أرنو وتسألني القرون‬

                                   ‫أنا من أكون؟‬
 ‫إن هذه الحيرة التى تسود هذه القصيدة تفسر لنا‬
‫المعاناة التى تشعر بها حينما تخطو خطوة إضافية‬
  ‫فى حياتها‪ ،‬حتى أنها تنهي قصيدتها بهذه النهاية‬
   101   102   103   104   105   106   107   108   109   110   111