Page 108 - m
P. 108
العـدد 56 106
أغسطس ٢٠٢3
عنها سوى من يملك أدوات الشعر امتلا ًكا حقيقيًّا.. وبرو ٌد
لأن الشعر هو الفن الأسبق إلى تجسيد المعاناة أ َو لا تسم ُع؟ قلبانا انطفا ٌء وخمو ُد
صمتنا ..أصدا ُء إنذا ٍر مخي ِف
والتعبير عن قضايا الإنسان وطموحاته المحبطة. ساخ ٌر من أننا سو َف نعو ُد
لكن الشاعرة -مع ذلك -متمسكة بالأمل ،لا تفقد غربا ْء..
القدرة على الحلم ،حتى لو كان هذا الحلم عسي ًرا نحن ..من جاء بنا اليو َم؟
ومستحي ًل ..فنجدها تقول فى قصيدتها (دعوت إلى ومن أين بدأنا؟
الأحلام): لم يك ْن َيعر ُفنا الأم ُس
سنحلم أ َّنا استح ْلنا صبيَّين فو َق التلا ْل رفيق ْين ..ف َد ْعنا
تطف ُر الذكرى
بري ْئين نر ُك ُض فوق الصخو ْر ِصبانا من كأن لم ت ُك يو ًما
ونرعى الجما ْل
بع ُض ح ٍّب نز ٍق
شريد ْين ليس لنا منز ٌل طا َف بنا ثم سلانا
غي ُر كوخ الخيا ْل آ ِه لو نح ُن َر َجعنا حي ُث كنا
وحين ننام قب َل أن َنف َنى وما زلنا كلانا
نم ِّرغ أجسامنا في الرما ْل.. ُغربا ْء..
سنحلم أ َّنا نسير إلى الأمس ولقد جسدت الشاعرة شعورها بالغربة فى تلك
لا للغ ِد.. الأسئلة المحيرة والأحلام المستحيلة للرجوع
وأ َّنا وصلنا إلى باب ٍل
حيث كانت ،بعد أن صار وج ُهها فى لون الخريف،
ذات فجر ن ِد وعيناها فى ذبول وخمول ،وسمعت صوت الصمت
حبيبي ْن ُنحم ُل عهد هوانا إلى المعب ِد
وهو يسخر منها كونها تعاني تلك الغربة التى
يباركنا كاهن بابل ٌّي
نق ُّي الي ِد تغلق عليها كل ذكرى وكل حلم.
لقد ظلت نازك الملائكة رم ًزا ناص ًعا للشعر الحر إن نازك الملائكة -الشاعرة -عاشت عصرها القلق
منذ بدأت رحلتها معه ،إبدا ًعا ودراس ًة ونق ًدا
وتحولات المجتمع الذى تنتمي إليه ،فعبرت بصدق
وتأصي ًل وغادرت وطنها مكرهة ،فطافت فى أقاليم
الأرض إلى أن استقرت فى القاهرة فعشقتها ،وثوت عن كل ما يحول دون تغيير الواقع إلى الأفضل.
فى أرضها بعد وهى مضامين ومعطيات لم يكن يستطيع أن يعبر
أن أضافت الكثير
إلى ساحة الإبداع
والنقد.
ولا يسعنا فى
ذكراها إلا أن
نتذكر لها أنها
أخلصت لفنها
فأعطته ،وأعطاها،
واستحقت أن
تكون رائدة له على
مدي التاريخ