Page 121 - m
P. 121
119 تجديد الخطاب
على الربط بين الرؤى الصوفية، منظومات الفقه.. طلبتها لم يجدوا نفس الرعاية ولا
وخصو ًصا عند ابن عربي ،وبين وعجزها في القرنين إيقاف الأوقاف على طلبتها.
الثامن والتاسع عشر
الرؤى التي تحاول أن تحارب السمة الثالثة للرؤية
البدعة والتقليد المذهبي الذي في القرن الثامن عشر الميلادي، الفقهية للعالم
أصبح يخلق الصراعات بين كانت أمور مجتمعات المسلمين
المذاهب سواء مذاهب العقيدة أو وإمبراطورياتهم ودولهم ،في حالة أنها قائمة على الاختيار الفردي
مذاهب الفقه ،فحاول أن يك ِّون تراجع وتفكك ،ويزداد تغلغل نفوذ وعلى اقتناع الفرد ورضاه بها،
أرضية مشتركة يجمع بها بين القوى الأوروبية سواء عن طريق وأنها مجرد إجابة ضمن إجابات،
المتفرقين ،يربط بين التصوف كل هذا قبل تبني السلطات مذاهب
وبين علم الحديث ويقرب فيها التجارة والنفوذ الاقتصادي، معينة وفرضها بالقوة لتوحيد
أو عبر السيطرة العسكرية
بين السنة والشيعة. الناس ،وقبل تجمد المذاهب
وفي مجال الفقه ،حاول أن يخرج الاستعمارية المباشرة .ففي الهند وتحولها إلى مجرد ترديد أقوال
كانت إمبراطورية المغول التي السابقين من الأئمة .لكن ظلت
من أسر التقليد لمذهب إلى أن
يأخذ من كل المذاهب ولا يتقيد كان يسيطر من خلالها المسلمون الممارسات الفقهية موجودة
بالمذهب الحنفي فقط الشائع في كأقلية تحكم ،قد ضربها الضعف، ومتعددة رغم سعي السلطات
الهند ،لكنه حاول أن يعود إلى لتوحيد الناس على مذاهب معينة،
القرآن والسنة مباشرة ،ومن وبدأت تتآكل إماراتها ،فكانت ظلت جيوب هنا وهناك تقاوم
خلال مفهوم المصلحة ،يحاول جهود شاه أحمد ولي الله عبد تأميم المذاهب .وظل القضاء في
الرحيم العمري الدهلوي (-1703 أغلبه بين المسلمين هو ممارسة
أن ُيوجد الأرضية المشتركة )1762في منطقة بالقرب من
سواء في كتابه الصغير الحجم دلهي الحالية في الهند .حين خلف قائمة على العرف بعيد عن
ولكنه دقيق «الإنصاف في بيان أباه على رأس المدرسة الرحيمية مؤسسات السلطة وقضائها ،بل
أسباب الاختلاف» أو في كتابه التي أنشأها أبوه ،وكان من أسرة إن السلطات الحديثة ذاتها تلجأ
«حجة الله البالغة» الذي حاول في صوفية على الطريقة النقشبندية
قسمه الأول أن يتناول القضايا عرفت بالعلم والصلة بأهل النفوذ لجلسات التحكيم العرفية مث ًل
العقيدية ،وفي قسمه الثاني يتناول والسلطان من الأمراء المسلمين في قضايا «الفتنة الطائفية» ،وهي
القضايا الفقهية ،تفصي ًل .ويسعى في شمال الهند .كان ولي الله قد قضايا كراهية بالتعريف القانوني
أحمد ولي الله أن يخاطب الأمراء أتم تعليمه في مدرسة والده على
المسلمين لمواجهة خطر التفكك المذهب الحنفي ،وتزوج وهو الحديث ،تلجأ وزارة الداخلية
والتفرق لنفوذ المسلمين أمام منفذة القانون إلى عمل جلسات
التغلغل الغربي ،وأمام الطوائف في الرابعة عشرة .وذهب في تحكيم عرفية خارج إطار القانون
الهندية الأخرى ،وينجح مع أحمد رحلة الحج الأولى ليتلقى علوم
شاه دراني ()1772 -1722 في الحديث ،ليجلس على رأس لحل إشكالاتها الأمنية بين
في أفغانستان الذي يغزو شمال المدرسة الرحيمية عام 1719م مسلمين وأقباط في بلد كمصر،
وهو في الخامسة عشرة بعد وفاة وقل سلا ًما على دولة القانون ،بل
الهند. أبيه .حاولت جهود أحمد ولي الله ويرأس شيخ الأزهر مجلس عرفي
أحمد ولي الله يحاول الخروج وجهود أبنائه الذكور من بعده، للحكماء للمصالحة بين العائلات
من عقم التقليد المذهبي ،بالعودة محاربة حالة تفكك نفوذ المسلمين المسلمة والقبطية ،في قضايا قتل،
إلى القرآن والسنة ،فقدم ترجمة في الهند ،ونتيجة للتراث الصوفي
للقرآن إلى الفارسية ،حتى يتمكن فمنظومة الفقه رابضة تحت
المسلمون من التعامل المباشر مع في الهند ،كانت جهوده قائمة قشرة منظومة القانون وطلائها
الحديث الهش.