Page 122 - m
P. 122
)1350التي طواها النسيان في القرن الثامن عشر الميلادي،
أربعة قرون .في الصياغات التي كانت أمور مجتمعات المسلمين
صاغها ابن تيمية كلاميًّا وعقد ًّيا وإمبراطورياتهم ودولهم ،في حالة
للمذهب الحنبلي .واعتمد بن عبد تراجع وتفكك ،ويزداد تغلغل نفوذ
القوى الأوروبية سواء عن طريق التجارة
الوهاب على المذهب الحنبلي في والنفوذ الاقتصادي ،أو عبر السيطرة
المسائل الفقهية بصفة أساسية. العسكرية الاستعمارية المباشرة .ففي
لكن بشكل عام كانت جهود بن الهند كانت إمبراطورية المغول التي
عبد الوهاب هي رد فعل عنيف كان يسيطر من خلالها المسلمون
على التقليد المذهبي والصراعات كأقلية تحكم ،قد ضربها الضعف ،وبدأت
بين المذاهب ،وسعي للخروج تتآكل إماراتها..
من الصراعات بين الأمراء
حارب وشارك في معارك ،لكن القرآن ومع أقوال النبي وليس
والحكام في نجد ،بالعودة إلى ما للطبيعة الصوفية في واقعه الثقافي عبر أقوال الفقهاء ،وتقليدها .فهو
يتصوره ،إسلام النبي والصحابة،
ربط ذلك بالتصوف من خلال يحاول محاربة «البدع» المتمثلة
الإسلام الأصلي ،إسلام النقاء، ابن عربي ،من هنا بذرة تمايز في التأثيرات الثقافية الهندية التي
قبل الانحرافات التي دخلت المسلمين عن غيرهم من الهنود،
على الإسلام من بدع اليونان التمايز الذي يغذيه أحمد ولي الله، تتداخل مع التعاليم الدينية عند
والذي سيتطور بعده بقرنين في الإسلام بإحياء السنة ،ويحاول
والهند ،وبدع المتكلمين ،وبدع انفصال مسلمين في الهند وتكوين فرض «الشريعة» من خلال حاكم
الفقهاء واعتمادهم على الاجتهاد
وعلى القياس ،وعلى المذاهب التي دول للمسلمين. قوي ليستقر المجتمع ويحاول
في نجد :كانت جهود محمد بن العبور فوق التقليد المذهبي
صاغوها ،وقدسوها وقدسوا
أئمتهم واتبعوهم أكثر من اتباعهم عبد الوهاب ()1791 -1703 العقيم ،برفع أسباب الاختلاف
والذي أتى من أسرة فقهية من بين المذاهب عبر التركيز على
لله ولرسوله .من خلال اتباع تقاليد المذهب الحنبلي في الفقه.
نصوص القرآن والسنة. فكانت جهوده محصورة فهي مقولة المصلحة ،ويربط بين السنة
والشيعة ،عبر تصوف ابن عربي،
فكانت الوهابية دعوة للتوحيد محاربة “البدع” ،و”مظاهر
النقي ضد كل مظاهر الشرك، الشرك” معتم ًدا على جهود ابن وكأن أحمد ولي الله الدهلوي،
تيمية ( )1328 -1263وتلميذه يحاول الربط بين ابن تيمية وابن
مهما كانت .لكن العنصر عربي من خلال طرق أبي حامد
الأساسي هو إيمان بن عبد ابن قيم الجوزية (-1292 الغزالي .فهو يستعيد حركية ابن
الوهاب .بضرورة تحالفه مع تيمية الذي فكر وقدم فق ًها .ولكنه
سلطة لفرض رؤاه بالقوة،
ومحاربة كل التعدد الفقهي
عند المسلمين ،بتقديم قراءة
واحدة تتطابق مع «الإسلام
الحق» وفرضها بالقوة ،وهو ما
حدث بالفعل خلال قرنين من
منتصف القرن الثامن عشر حتى
منتصف القرن العشرين ،مع
قيام المملكة السعودية ،بالقيادة
السياسية لآل سعود والقيادة
الدينية الإيديولوجية لآل الشيخ،