Page 127 - m
P. 127

‫‪125‬‬  ‫تجديد الخطاب‬

 ‫الأصلية بطبيعة الحال إلى جانب‬       ‫‪ -6‬قطع بعض الكلمات وكتابتها‬       ‫‪ -4‬استعمال المثنى بالياء والنون‬
           ‫اللغة العربية المتعلمة‪.‬‬   ‫على حالها بعد القطع فيقال مث ًل‪:‬‬      ‫دائ ًما وإبقاء الفتحة قبل الياء‪،‬‬
                                                                            ‫واستعمال فعل الأمر للمذكر‬
 ‫ثم لا يمكن أن يغفل هذا التعايش‬         ‫(ه’) أي (هو) ويقال (ل’) أي‬       ‫والمؤنث بلفظ واحد‪ .‬واستعمال‬
‫المتصل بين من ينتمون إلى أصول‬                                 ‫(له)‪.‬‬       ‫المضارع المسند للمتكلم وحده‬
                                                                            ‫أو المتكلم ومعه غيره بالنون‬
      ‫عربية وهم المسلمون‪ ،‬ومن‬       ‫‪ -7‬استعمال كثير من الألفاظ غير‬         ‫في الحالتين‪ ،‬فيقال في (أقوم)‬
 ‫ينتمون إلى عناصر إسبانية وهم‬       ‫العربية‪ .‬وأبرز ما كان من ذلك أن‬        ‫(نقوم)‪ .‬ومن هذا التوسع في‬
‫المسيحيون‪ ،‬فهؤلاء لغتهم الأصلية‬     ‫تلك الألفاظ المقترضة من اللاتينية‬
 ‫(الرومانثي)‪ ،‬ومن شأن المعايشة‬                                          ‫الاستعمال أي ًضا عدم تخصيص‬
                                          ‫المحلية‪ .‬مثل (ألما) أي نفس‪،‬‬  ‫(قد) بالفعل وإدخالها على الاسم‪.‬‬
      ‫أن تتيح لكل من المتعايشين‬     ‫و(ألبا) أي فجر‪ ،‬و(إش ِت) أي هذا‪،‬‬
        ‫التعرف على لغة صاحبه‪.‬‬                                                ‫‪ -5‬تسكين أواخر الكلمات‬
                                                     ‫و(مطر) أي أم‪.‬‬     ‫وتحريك هذه الأواخر بالفتح حين‬
 ‫وليس يعتمد فقط على تلك الأدلة‬           ‫كذلك ثبت أن الأندلسيين لم‬
‫النظرية لإثبات معرفة الأندلسيين‬       ‫يكونوا يعرفون العربية فصحى‬            ‫يراد التخلص من الساكنين‪.‬‬
 ‫باللغة الرومانثي ‪ ،Romance‬بل‬       ‫وعامية فقط‪ ،‬وإنما كانوا يعرفون‬
                                     ‫إلى جانبها لغة أجنبية أخرى‪ ،‬هي‬
   ‫هناك كثير من الأدلة التي تؤيد‬      ‫إحدى اللهجات العامية المتفرعة‬
     ‫معرفة مسلمي الأندلس بتلك‬       ‫من اللاتينية‪ .‬وكانت هذه اللاتينية‬
                          ‫اللغة‪.‬‬       ‫العامية لغة الإسبان عند الفتح‬
                                     ‫العربي‪ .‬لأننا نعرف أن اللاتينية‬
  ‫من تلك الأدلة ما ذكره المقدسي‬           ‫كانت قد دخلت إسبانيا مع‬
    ‫في كتابه أحسن التقاسيم‪ ،‬من‬       ‫الرومان‪ .‬وطبيعي أن تتطور هذه‬
                                     ‫اللاتينية على ألسنة الإسبان بعد‬
 ‫أنه التقى في موسم الحج ببعض‬           ‫انتقالها من موطنها الأصلي إلى‬
‫الأندلسيين‪ ،‬وأنه وجدهم يتكلمون‬       ‫شبه الجزيرة الأيبيرية‪ .‬ومن هنا‬
                                    ‫كانت تلك اللهجة اللاتينية العامية‬
   ‫لغة عربية عسيرة الفهم‪ ،‬ولغة‬        ‫التي يسميها العلماء (رومانثي)‬
     ‫أخرى أعجمية‪ .‬فتلك العربية‬           ‫‪ ،Romance‬ثم كانت معرفة‬
       ‫عسيرة الفهم‪ ،‬هي العامية‬         ‫مسلمي الأندلس لها عن طريق‬
                                        ‫هذا الامتزاج التام الذي حدث‬
 ‫الأندلسية ذات الخصائص المعينة‬         ‫بين العرب الوافدين وكثير من‬
 ‫التي ربما سببت عسر فهمها على‬          ‫الإسبان الأصليين بسبب كثرة‬
                                          ‫الزيجات العربية الإسبانية‪،‬‬
    ‫المقدسي‪ .‬وتلك الأعجمية التي‬     ‫وإنتاج أجيال جديدة يتكلم آباؤهم‬
 ‫يشير إليها هذا الجغرافي ليس إلا‬         ‫العربية وأمهاتهم الرومانثي‪،‬‬
  ‫تلك اللغة التي يسميها الباحثون‬        ‫فطبيعي أن يعرف الأبناء لغة‬
                                      ‫الأمهات كما يعرفون لغة الآباء‪.‬‬
                    ‫(رومانثي)‪.‬‬         ‫كذلك كانت معرفة الأندلسيين‬
 ‫ومن أدلة معرفة الأندلسيين لتلك‬      ‫بتلك اللغة غير العربية عن طريق‬
                                        ‫دخول أسر إسبانية كثيرة في‬
     ‫اللغة الأجنبية أي ًضا ما حكاه‬        ‫الإسلام‪ ،‬وهي تعرف لغتها‬
   ‫الخشني في كتابه تاريخ قضاة‬
‫قرطبة من أن قاضيًا شكته العامة‬
    ‫إلى الأمير عبد الرحمن الثاني‬
    ‫فأمر الوزراء بسماع الشهادة‬
  ‫فيه‪ ،‬وكان بالمدينة شيخ أعجمي‬
    ‫اللسان يسمى (ينير) ‪Yenair‬‬
   ‫وكان مقد ًما من القضاة مقبول‬

     ‫الشهادة مشهو ًرا عند العامة‬
   122   123   124   125   126   127   128   129   130   131   132