Page 126 - m
P. 126
العـدد 56 124
أغسطس ٢٠٢3
الداخلة عليه والاكتفاء أحيا ًنا وقد كانت هذه العامية الأندلسية يتصل بالقرون الأخيرة لحياتهم
بالفاء متصلة بهذا الاسم ونطقها ذات سمات محلية ما زالت تزداد هناك.
بمرور الزمن حتى جعلت من تلك
بين الكسر والفتح. فقد ذكر ابن بسام في حديثه عن
اللهجة شيئًا غريبًا عسير الفهم أول أندلسي اخترع الموشحات،
-3استعمال ظروف خاصة على غير الأندلسيين ،وقد كان من أن ذلك المخترع كان «يأخذ اللفظ
هي ليست في الأصل ظرو ًفان، العامي والعجمي ويسميه المركز،
تلك السمات ما يأتي: ويضع عليه الموشحة» ،وليس
مثل استعمال كلمة (عاد) بمعنى -1إدماج الفعل المساعد (كان)
في الفعل المضارع الذي يتلوه، يعنينا الآن تفصيل القول في
(بعد) التي تأتي عادة مع الفعل بحيث تحذف نون (كان) وتبقى هذا المخترع ولا في طريقة عمله
الكاف فقط ،فيقال في كان يقول للموشحات ،وإنما الذي يعنينا أن
المنفي ،فيقال (لم أفعل هذا عاد) نشير إلى أن ذلك المخترع مقدم
بد ًل من (لم أفعل هذا بعد) ،ومثل (كيقول). بن معافى القبري كان -كما يقول
استعمال الحرف (يا) ظر ًفا للحال -2إدماج (في) الجارة في الاسم
فيقال (يااكلت) بد ًل من (قد أكلت ابن بسام -يعتمد على الألفاظ
العامية كمركز لموشحاته ،ومقدم
الآن).
هذا قد عاش في أواخر القرن
جامع قرطبة الثالث الهجري (التاسع الميلادي)،
فكأن الأندلسيين كانت لهم في
تلك السنين المتقدمة من حياتهم
في الأندلس عامية يعتمد عليها
مثل هذا الفنان فيما يصوغ من
موشحات.
يذكر ابن سعيد المغربي ،وهو
من أدباء القرن السابع الهجري
(الثالث عشر الميلادي) أن
الأندلسيين -وحتى المثقفين
والعلماء منهم -كانوا يتكلمون
عامية كثيرة الانحراف عما
تقتضيه أوضاع العربية ،وإن
تلك الظاهرة كانت موجودة
بين الأندلسيين وليست فقط في
عهودهم الأولى بشبه الجزيرة،
حيث يمكن أن يقال إن العربية
لم تكن قد استقرت بعد ،وإنما
كانت موجودة أي ًضا في عهودهم
المتاخرة ،حيث مضت قرون
على دخول العربية إلى الأندلس،
وحيث انتشر تعليمها وتعددت
معاهدها وكثر أساتذتها وشاعت
مؤلفاتها.