Page 214 - m
P. 214

‫الحقيقة أن العناصر التى جعلها‬

                                 ‫أبو زيد لمفهوم "الخطاب" مغرية‬

                                 ‫بالبحث والدراسة والتعمق‪،‬‬

                                 ‫مجتمعين أو كل على حدة‪ ،‬فدراسة‬

                                 ‫تعدد الأصوات داخل السياق القرآنى‬

                                 ‫وتحليل أنماط الخطاب وغيرها مما‬

                                 ‫سبق يعمق فهمنا لخطاب القرآن‬

                                 ‫ويدخلنا فى عالمه ويساعدنا على‬

‫محمد عبد الله دراز‬                  ‫أن ندخل إلى جوه‪ ،‬وقد ضرب فى‬
                                 ‫محاضرته المنشورة فى كتاب جمال‬

 ‫الآخر‪ ،‬كما لا يقبل التناقض‬      ‫عمر توضيح العناصر السابقة‪.‬‬
   ‫أو التعارض وغيرهما من‬
    ‫عيوب الكلام‪ .‬فهو بمثابة‬          ‫مفهوم بيانى فى الأساس‪،‬‬                        ‫المخاطبين‪.‬‬
    ‫الكلمة الواحدة أو الجملة‬       ‫فهو يعنى أن القرآن الكريم‬       ‫أفهم أن يكون الفارق هنا ما‬

‫الواحدة أو الآية الواحدة‪ ،‬وإذا‬         ‫‪-‬على تعدد آياته وتنوع‬         ‫طرحه أبو زيد من الفارق‬
‫كانت قد تعددت آياته وسوره‬        ‫سوره واختلاف موضوعاته‪-‬‬           ‫بين تصورين فى فهم القصد‪،‬‬

     ‫وأجزاؤه وأحزابه؛ فذلك‬          ‫بنا ٌء واح ٌد محكم‪ ،‬فهو مثل‬     ‫أحدهما أن يثق المخاطب فى‬
 ‫التعدد ضرورة لا غنى عنها‬            ‫المبنى العظيم «المتماسك»‬     ‫قصد المتكلم فيكون أي كلام‬
 ‫في التعليم والتعلم‪ ،‬والتنزيل‬
                                    ‫الذي تتعدد غرفه وردهاته‬          ‫يصدر عن المتكلم صاد ًقا‪،‬‬
   ‫لتغيير الواقع وإبداله‪ .‬فلم‬        ‫وتتنوع مساراته وممراته‬           ‫فالقصدية ‪-‬هنا‪ -‬معرفة‬
   ‫يكن في مقدور الإنسان أن‬        ‫وتزينه الحدائق والجنان من‬            ‫عقلية مسبقة (والمعتزلة‬
  ‫يستوعب قرآ ًنا يتصف بكل‬          ‫حوله‪ ،‬لكنه يظل بنا ًء واح ًدا‬      ‫والفلاسفة يقولون هذا)‬
 ‫صفات القرآن جملة واحدة؛‬                                               ‫والآخر هو‪ :‬أنه لا يمكن‬
  ‫بل عليه أن يأخذه أو يتبناه‬                       ‫متماس ًكا‪.‬‬        ‫الوصول إلى قصد المتكلم‬
   ‫باعتباره ذا وحدة بنائية لا‬      ‫أو هو على حد تعريف د‪.‬طه‬          ‫إلا من خلال تحليل الكلام‪،‬‬
  ‫تختلف عن وحدة الكلمة في‬                                          ‫(والفكر الحديث يقول هذا)‪.‬‬
  ‫حروفها‪ ،‬ووحدة الجملة في‬              ‫جابرالعلوانى (‪-1935‬‬
    ‫كلماتها وأركانها‪ ،‬ووحدة‬         ‫‪« :)2016‬الوحدة البنائية»‬       ‫‪ -4‬الوحدة البنائية‬
‫الإنسان في أعضائه‪ ،‬ولو نزل‬                                            ‫للقرآن الكريم‬
  ‫مف َّر ًقا»‪( .‬من كتاب‪ :‬الوحدة‬       ‫للقرآن‪ :‬أن القرآن المجيد‬
  ‫البنائية للقرآن المجيد‪ ،‬د‪.‬طه‬     ‫واحد لا يقبل بناؤه وإحكام‬      ‫الوحدة البنائية للقرآن الكريم‬
                                   ‫آياته التعدد فيه أو التجزئة‬
                  ‫العلواني)‬        ‫في آياته‪ ،‬أو التعضية بحيث‬
 ‫لا شك أن التعامل التجزيئي‬        ‫يقبل بعضه‪ ،‬ويرفض بعضه‬
   209   210   211   212   213   214   215   216   217   218   219