Page 215 - m
P. 215

‫الملف الثقـافي ‪2 1 3‬‬

‫‪ -‬القرآن فى قطع ٍة قطع ٍة منه‪.‬‬                     ‫واختزال)‬          ‫مع القرآن الكريم هو الذى‬
   ‫‪ -‬القرآن فى سور ٍة سور ٍة‬           ‫ذكر ‪-‬رحمه الله‪ -‬هذه‬              ‫ساد عبر قرون‪ ،‬ويأتي‬
                      ‫منه‪.‬‬             ‫الأسباب الثلاثة المنافية‬
   ‫‪ -‬القرآن فيما بين السور‬         ‫للوحدة‪ ،‬أو المانعة من القول‬     ‫الدكتور محمد عبد الله دراز‬
                   ‫وبعض‪.‬‬             ‫بها قيا ًسا على المعهود من‬         ‫(‪ )1958 -1884‬ليبين‬
         ‫‪ -‬القرآن فى جملته‪.‬‬        ‫كلام البلغاء والفصحاء‪ ،‬ثم‬
    ‫وقد فصل القول ‪-‬رحمه‬            ‫عقب عليه بقوله‪« :‬لو عمدنا‬       ‫الأسباب التي جعلت التعامل‬
     ‫الله‪ -‬فى هاتين المرتبتين‬    ‫إلى سورة من تلك السور التي‬         ‫التجزيئي هو السائد‪ ،‬فذكر‬
                                   ‫تتناول أكثر من معنى واحد‬
‫الأولى والثانية‪ ،‬أما الأولى فقد‬      ‫‪-‬وما أكثرها‪ -‬وتتبعناها‬                  ‫ثلاثة أسباب هي‪:‬‬
 ‫ركز فيها على البيان القرآنى‬         ‫مرحلة مرحلة‪ ،‬وتدبرناها‬          ‫‪ -1‬أن القرآن بما امتاز به‬
                                     ‫كيف بدئت وكيف ختمت!‬              ‫أسلوبه من اجتناب سبل‬
   ‫فى آية أو قطعة من القرآن‬             ‫كيف تقابلت أوضاعها‬        ‫الإطالة‪ ،‬والتزام جانب الإيجاز‬
‫وطبق عليها نظريته القائلة إن‬           ‫وتعادلت‪ ،‬وكيف تلاقت‬         ‫صار أسرع الكلام تنق ًل بين‬
                                  ‫أركانها وتعانقت‪ ..‬لو تدبرنا‬      ‫شؤون القول؛ فهو ينتقل من‬
  ‫«القرآن تلتقي عنده نهايات‬        ‫ذلك لوجدنا ائتلا ًفا وتناسبًا‬  ‫وصف إلى قصص إلى تشريع‬
   ‫الفضيلة كلها على تباعد ما‬       ‫بين المعاني والمباني‪ ،‬ولبدت‬    ‫إلى جدل إلى ضروب شتى من‬
                                   ‫لنا السورة وكأنها نزلت في‬      ‫فنون الكلام‪ ،‬وهذا أمر يجعل‬
       ‫بين أطرافها»‪ ،‬ومنها‪:‬‬      ‫نجم واحد»‪( .‬المصدر السابق‬           ‫الحفاظ على تناسب المعاني‬
   ‫‪ -‬القصد في اللفظ والوفاء‬
                                                       ‫‪)188‬‬              ‫وتلازمها أم ًرا عسي ًرا‪.‬‬
               ‫بحق المعنى‪.‬‬            ‫فأنت تراه مع استدعائه‬         ‫‪ -2‬أن القرآن لم يكن ينزل‬
    ‫‪ -‬خطاب العامة وخطاب‬            ‫للأسباب القوية التى تجعل‬          ‫بهذه المعاني جملة واحدة‪،‬‬

                  ‫الخاصة‪.‬‬                ‫الكلام متناف ًرا‪ ،‬وهي‪:‬‬         ‫بل كان ينزل بها آحا ًدا‬
       ‫‪ -‬إقناع العقل وإمتاع‬         ‫‪ -‬عناصر معنوية مختلفة‪.‬‬           ‫متفرقة على حسب الوقائع‬
                                    ‫‪ -‬ظروف زمانية منفصلة‪.‬‬           ‫والدواعي المتجددة المتنوعة‪،‬‬
                   ‫العاطفة‪.‬‬      ‫‪ -‬ضم الآيات بطريقة مختلفة‬
         ‫‪ -‬البيان والإجمال‪.‬‬          ‫عن العنصرين السابقين‪.‬‬             ‫وهذا الانفصال الزماني‬
   ‫وقد اختار لتطبيق ذلك آية‬       ‫ثم بين لنا التناسب والترابط‬      ‫بينها‪ ،‬والاختلاف الذاتي بين‬
 ‫ذكرت محاجة بنى إسرائيل‬              ‫والائتلاف في أطول سور‬        ‫دواعيها كان بطبيعته مستتب ًعا‬
  ‫من سورة البقرة‪ ،‬وهى آي ٌة‬
 ‫يمكن أن توصف تجو ًزا أنها‬             ‫القرآن وأكثرها نجو ًما‪،‬‬       ‫لانفصال الحديث عنها على‬
‫من عرض القرآن وليست من‬           ‫وأغناها تنو ًعا في الموضوعات‪،‬‬    ‫ضروب من الاستقلال لا يدع‬
  ‫الآيات التي تواصى الناس‬
  ‫بالإعجاب ببلاغتها وبيانها‪،‬‬              ‫وهي سورة البقرة‪.‬‬             ‫منز ًعا للترابط والوحدة‪.‬‬
  ‫وفى معنى قد لا يأبه الناس‬      ‫وفى كتابه القيم «النبأ العظيم»‬       ‫‪ -3‬هو تلك الطريقة التي‬
‫له‪ ،‬وهي قوله ‪-‬تعالى‪« -‬وإذا‬                                          ‫اتبعت في ضم نجوم القرآن‬
  ‫قيل لهم آمنوا بما أنزل الله‬        ‫وتحت عنوان (خصائص‬            ‫بعضها إلى بعض‪ ،‬وفي تأليف‬
   ‫قالوا نؤمن بما أنزل علينا‬       ‫القرآن البيانية) أراد د‪.‬دراز‬        ‫وحدات السورة من تلك‬
    ‫ويكفرون بما وراءه وهو‬                                            ‫النجوم‪ ،‬وهو ‪-‬هنا‪ -‬يعني‬
‫الحق مصد ًقا لما معهم قل فلم‬            ‫‪-‬رحمه الله‪ -‬أن يبين‬         ‫بالتأليف الضم والجمع بين‬
 ‫تقتلون أنبياء الله من قبل إن‬    ‫الخصائص البيانية فى القرآن‬        ‫آيات القرآن ليس على حسب‬
 ‫كنتم مؤمنين” (البقرة‪.)91 :‬‬                                            ‫ترتيب النزول وإنما على‬
    ‫أما «وحدة السورة» فقد‬             ‫الكريم‪ ،‬وذلك على أربعة‬        ‫ترتيب التلاوة‪( .‬انظر‪ :‬النبأ‬
 ‫ذكر له مثا ًل أطول سورة فى‬                          ‫مراتب‪:‬‬       ‫العظيم‪ ،‬د‪.‬محمد عبد الله دراز‬
                                                                    ‫من ص ‪ 186 :182‬بتصرف‬
   210   211   212   213   214   215   216   217   218   219   220