Page 218 - m
P. 218

‫العـدد ‪56‬‬                            ‫‪216‬‬

                             ‫أغسطس ‪٢٠٢3‬‬                           ‫التى خاض فيها القرآن‪،‬‬
                                                               ‫وبسط على الناس أطرافها‪،‬‬
‫للأستاذ سيد قطب (‪-1906‬‬        ‫الناس بربهم وهدايتهم إليه‪.‬‬
 ‫‪ )1966‬يدرك أن قطب ينظر‬         ‫وقد رأى ‪-‬رحمه الله‪ -‬أن‬           ‫لنشرح الدليل الآخر على‬
‫إلى القرآن من منظور الوحدة‬       ‫القرآن يدور حول محاور‬        ‫صدق القرآن‪ ،‬وصدوره عن‬
                                ‫خمسة لتحقيق غايته تلك‪:‬‬        ‫الله وحده‪ ،‬لو أن كتا ًبا ألقته‬
   ‫البنائية‪ ،‬فالقرآن ‪-‬عنده‪-‬‬
‫جاء لبناء تصور كامل شامل‬      ‫‪ -‬المحور الأول‪ :‬الله الواحد‪.‬‬       ‫أمواج البحر على الشاطئ‬
                              ‫‪ -‬المحور الثاني‪ :‬الكون الدال‬     ‫لا ندري من أين جاء‪ ،‬لكان‬
  ‫للوجود‪ ،‬لغاية الوجود كله‬                                    ‫جدي ًرا بنا أن نعرف ماذا فى‬
    ‫وغاية الوجود الإنسانى‪،‬‬                    ‫على خالقه‪.‬‬      ‫هذا الكتاب؟ وما الذي حوته‬
   ‫وما تعانيه البشرية اليوم‬     ‫‪ -‬المحور الثالث‪ :‬القصص‬        ‫صحائفه؟ أهو تمجي ٌد لجنس‬
   ‫إنما هو نتيجة تنكبها عن‬                                     ‫من الأجناس؟ أهو ثنا ٌء على‬
   ‫هذه الغاية‪ ،‬وابتعادها عن‬                     ‫القرآني‪.‬‬      ‫ملك من الملوك؟ أهو نبوءا ٌت‬
                                   ‫‪ -‬المحور الرابع‪ :‬البعث‬
 ‫ذلك التصور‪( .‬انظر‪ :‬مقدمة‬                                                        ‫مبهمة؟‬
 ‫الظلال‪ ،‬الجزء الأول)‪ ،‬وهو‬                      ‫والجزاء‪.‬‬      ‫ولقد تناولت المصحف الذى‬
‫لا يفسر القرآن آية آية ‪-‬كما‬     ‫‪ -‬المحور الخامس‪ :‬التربية‬
  ‫هى عادة المفسرين‪ -‬وإنما‬                                        ‫وصل إل َّي فى هذا العصر‪،‬‬
                                              ‫والتشريع‪.‬‬        ‫وشرعت في تدبره لأتعرف‬
   ‫يقسم السورة إلى مقاطع‬       ‫يقول‪“ :‬هذا الكتاب ‪-‬يعنى‪:‬‬
    ‫يحددها بناء على السياق‬   ‫القرآن‪ -‬يعرف الناس بربهم‪،‬‬             ‫على ما فيه! وأحسست‬
 ‫والموضوع‪ .‬ويرسم صورة‬          ‫على أساس من إثارة العقل‪،‬‬       ‫للقراءة الأولى أن هذا الكتاب‬
‫عامة لملامح السورة في بداية‬  ‫وتعميق النظر‪ ،‬ثم يحول هذه‬        ‫الذى بين يد َّي‪ ،‬يبدئ ويعيد‬
   ‫تفسيره لكل سورة‪ ،‬يقول‬     ‫المعرفة إلى مهابة لله ويقظة فى‬
    ‫في مقدمة سورة البقرة‪:‬‬     ‫الضمير ووجل من التقصير‬              ‫في قيادة الناس إلى الله‪،‬‬
  ‫«يلحظ من يعيش فى ظلال‬                                          ‫واستثارة مشاعرهم من‬
   ‫القرآن أن لكل سورة من‬             ‫واستعداد للحساب»‪.‬‬            ‫الأعماق كي يرتبطوا به‬
     ‫سوره شخصية مميزة‪،‬‬                                          ‫ويتوجهوا إليه و يستعدوا‬
   ‫شخصية لها روح يعيش‬        ‫القرآن وبناء التصور‬             ‫للقائه»‪( .‬مقدمة الغزالى لكتاب‬
     ‫معها القلب كما لو كان‬    ‫عن الوجود فى ظلال‬                   ‫المحاور الخمسة للقرآن‬
   ‫يعيش مع روح حى مميز‬
                                     ‫القرآن‬                                     ‫الكريم)‬
                                                                                 ‫الغزالى‬
                                ‫من يقرأ تفسير «الظلال»‬                     ‫‪-‬هنا‪ -‬يجعل‬
                                                                                 ‫القرآن‬
                                                                                ‫كالبنيان‬
                                                                                 ‫الواحد‬
                                                                                 ‫المتصل‬
                                                                            ‫أعلاه بأدناه‬
                                                                            ‫وأوله بآخره‬
                                                                                ‫لتحقيق‬
                                                                             ‫غاية سامية‬
                                                                              ‫وهى ‪-‬فى‬
                                                                              ‫الأساس‪-‬‬
                                                                                 ‫تعريف‬
   213   214   215   216   217   218   219   220   221   222   223