Page 98 - m
P. 98
العـدد 56 96
أغسطس ٢٠٢3
نور صلاح
(السودان)
صاحب القميص الأزرق
الشكوك في مثل هذه الأوقات ،ربما لم تذاكر بما لا حافلات ،لا باصات ولا أضواء في جاكسون
يكفي ،ربما لم تنتبه جي ًدا لمحاضر ٍة ما وسيقرر سوى تلك التي تنبعث خافت ًة من «الأمجادات»
الأستاذ أن يكون الامتحان كله منها ،ربما تنسى التي تنقل الركاب إلى حي جبرة مقابل خمسين
قوانين تحويل لابلاس إن لم تراجعها ألف مرة. جني ًها كاملة .كانت تمل ُك ورقتين من هذه الفئة
تضغط بيدها على صدغها محاولة تذكر تلك في حقيبتها أو ربما ثلاث لكن إنفاق مثل هذا
القوانين اللعينة!
نظر ْت صدف ًة إلى الرجل الواقف قبالتها بقميصه المبلغ على المواصلات لم يب ُد لها فكر ًة جيدة.
الأزرق فبادلها النظرات ..ثم اقترب .ربما يكون عقد ْت ذراعيها أمام صدرها وهي تنف ُث الهواء
قد فهم هذا التواصل البصري غير المتعمد البارد من رئتيها لتستنشق آخر معبأً برائحة
كإشارة إعجاب أو دعو ٍة للاقتراب .لا داعي السيجار والرجال وطين المطر .تلقي ببصرها
لتعقيد الأمر أكثر مما ينبغي ،هذا ما فكرت فيه
بينما تتحرك من مكانها ببساطة إلى الجانب بعي ًدا إلى أطراف الموقف حيث تنتصب خيم
الآخر وتستند على عمود نور عديم الفائدة .يلتف الباعة بمحاذاة الدكاكين الصغيرة وحيث تق ُف
الرجل قلي ًل حول المكان ثم يح ُّط في النهاية على امرأتان جنوبيتان بقفتين ضخمتين على رأسيهما
رأسه نبفعنسٍفالوريصصيفرفلاالمذبايليًتا.ق تفجتعلهيده،فيي اُحلنُّكظفررإولىة
أ ِّياتجاه آخر وتحاول ب ِجد أن لا تلتقي أعينهما تتخيران الثياب .وإلى جوارهما على صخر ٍة
مرتفع ٍة جلس طف ٌل يع ُّد النقود التي جناها من
مجد ًدا .يرفع أحد الكماسرة الواقفين بالقرب من بيع العلكة طوال النهار .تدور بعينيها مجد ًدا
«الأمجادات» صوته عاليًا :جبرة على أربعين..
جبرة على أربعين. حول المكان لتلمح الشحاذين المستلقين على
إ ًذا فقد وافق أحدهم على تخفيض الأجرة إلى طول الشارع ،يبادلها واحد أعرج منهم النظرات
أربعين كما لو أن العشرة جنيه هذه تشكل فر ًقا.
لن تصعد بالطبع ،يمكنها الصمود أكثر مع بقية فيرتعش جسدها في مكانه ثم تدير رأسها
الكادحين ،ليس حبًّا في الكدح بل حبًّا في الانتماء، بسرعة إلى جهة أخرى وتبدأ بقضم أظافرها
في توتر« .ما كان أتأخر للدرجة دي» تقول
لنفسها نادمة .لم يكن الدرس الإضافي مفي ًدا
على أ ِّي حال فقد كانت تعرف كل ما قيل ،كل
المسائل وكل البراهين .إنها معتاد ُة على اجتياز
الامتحانات بسهولة ولكن دائ ًما ما تنتابها