Page 99 - m
P. 99
97 إبداع ومبدعون
القصة في اليمن
لا داعي لذكر ضرورة إخراج المحفظة والهاتف أو ربما هي توفر النقود لشراء حذا ٍء جديد ..على
منها أو ًل .يمكنك اي ًضا أن تطلبي من أحد الشبان الدقائق بطيئ ًة في جاكسون ،كأن أ ِّي حال ،تم ُّر
تنقسم فتيليًّا إلى ألف ثاني ٍة ممل ٍة الواحدة منها
أن يحجز لك ،بمقابل أو بدون ،لكنها لا تفضل مكررة من التلوث السمعي والنظر ببلاه ٍة إلى
هذه الطريقة ،كما انها تفشل غالبًا ..هناك الكثير الناس أو /والفراغ .إلى متى سيزفرون صبرهم
وعجزهم وما تبقى من طاقاتهم بضيق بينما
من المتغيرات. يمز ُق الكماسرة سكون الليل بجعجعتهم التي لا
صرخت من مكانها قائلة :د ِّخلوني! عندي شنطة تنتهي!
«خلاااص فهمنا جبرة على أربعين» ..تقول في
حاجزة بيها .فانفرج ْت كتل ُة الفتيان الواقفين سرها.
«شماعة» سامحين لها بالدخول ومن ضمنهم والخردة من الصدأ اولأخاخلي ًرا،صة.حافلصةف.ي قح ٌةطعم ٌةعدفننيي ٌٌةة
كان صاحب القميص الأزرق الذي قال بصوته يصدق مهلهل ٌة لن
الرخيم وهو يتكئ بظهره على الباب :اتفضلي يا أح ٌد أنها تستطيع التحرك ما لم يرها تتحرك.
تتهادى نحوهم وهي تتخطى الحفر ببطء مغيظ
حلوة! ويراقب سائقها بتلذذ الأعين المترقبة التي تلمع
وأخي ًرا ..تتنهد بارتياح بينما يلتصق في الظلام .وقفت بعي ًدا عنها نسبيًّا ،نافث ًة سحاب ًة
جسدها بالمقعد القذر .ستعيش لتقاتل في هذا سوداء من دخان محركها ،فرفعت تنورتها قلي ًل
الكولوسيوم الروماني يو ًما آخر .تلتفت إلى بيد وأمسكت حجابها باليد الأخرى ثم ركضت،
يمينها لتلقي نظر ًة هائم ًة على الركاب -لطالما تصعد وتهبط من الأرصفة المتراصة بينما يدفع
كانت فضولي ًة أكثر من اللازم -يضع البعض الهواء طرحتها لتغطي نصف وجهها الأسمر،
سماعات الهاتف في آذانهم ،يفتح أولئك الذين الناعس ،المرهق .تحاول ألا تدوس بقدميها على
يجلسون قرب النافذة -وهي منهم -نوافذهم برك المياه ومفترشي الأرض .سابقتها الجماهير
إلى أقصاها ،ويحاول آخرون تكييف مؤخراتهم المتحمسة في ماراثون المواصلات المعتاد هذا.
وسيقانهم الطويلة على المقاعد الضيقة ،الكل رفعت رأسها عن الأرض لثوا ٍن فلمحت صاحب
يهي ُئ نفسه لرحل ٍة متعرج ٍة طويل ٍة في شوارع القميص الأزرق يركض إلى الحافلة من الاتجاه
الخرطوم الحاضنة لمياه الخريف .يسقط بصرها المعاكس .جمو ٌع غفير ٌة من الناس يتدافعون
أخي ًرا على جارها العجوز صاحب الطاقية بعنف أمام الباب بينما يقف «الكمساري» بعي ًدا
الخضراء المتسخة .تتأمل عصاه الغليظة للحظات وعلى وجهه ابتسامة صفراء .يلتفت اليها وهي
وتتذكر تلك القصة التي سمعتها عن رجل عجوز تعاني في الوصول ويهتف من أعمق نقطة في
يضرب بنتًا «متبرجة» بعصاه في الشارع ،أمام حنجرته ساخ ًرا :هاا جبرة جبرة جبرة..
الجميع ..ودون اعتراض من أحد .تنفض تلك الثلاث سنوات التي ترددت فيها باستمرار على
الخاطرة المخيفة سري ًعا قبل أن تتجرأ وتحاول موقف جاكسون قد علمتها بعض الحيل المفيدة
تقييم درجة «تبرجها» ،ثم تعود للنظر عبر فيما يتعلق بالمنافسة على المقاعد .أو ًل :لا تحاولي
النافذة .وبمعجز ٍة إلهية تتحرك الحافلة -المائلة دفع رجل ..أب ًدا .حتى لو بدا هزي ًل ،فسيدفعك
بشكل خطير إلى اليمين -ويتحرك الهواء البارد بالمقابل ولن يعجبك ذلك .ثانيًا :لا تدفعي امرأ ًة
داخلها حام ًل رائحة جلابية الشيخ النتنة إلى كذلك ،فهي تنال ما يكفي من الدفعات .وثالثًا:
جيوبها الأنفية .بضع دقائق تمر في هدوء ولا ابقي بعيد ًة عن الباب من الأساس واركضي
صوت إلا زفير الرياح وهدير المحرك حتى يبدأ إلى مؤخرة الحافلة حيث ستلقين حقيبتك إلى
شباب المقعد الأخير ممارسة عادتهم في الضحك الداخل عبر النافذة لتحجزي بها مقعدك ..بالطبع
الهستيري وإلقاء النكات السمجة .وبعد قليل
تض ُّج الحافلة بالأحاديث الجانبية ..يقطعها
بين الحين والآخر صوت طرقعة الكمساري
بأصابعه طالبًا الأجرة وسجاله القصير مع