Page 148 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 148
العدد ١٩ 148
يوليو ٢٠٢٠
القبلية ،لتكوين عصبية عقائدية. فلسفات ما بعد الحداثة؛ ولا يخفى إن الإرهاب الداعشي ليس من
و َح َم َلة العقل الرجعي الذين علينا أن العقل الرجعي لا يعاديها الإسلام في شيء .يكفي هنا أن
بسبب ما يدعي فيها من شرور، نقول مث ًل وفقط إن وصم الآخر
يدلسون في النظر للعلمانية كدين، بقدر ما يعاديها ويكرهها مبدئيًا بالشر لا يب ِّرئ الذات من مثله.
ويعتبرون النازية من نتائجها،
وكما أوضحنا انتصا ًرا لماضيه خطآن لا يصنعان صوا ًبا.
هؤلاء هم أنفسهم الذين يجهلون المقدس. وفض ًل عما أثبتنا من أن
أو يتجاهلون تحالف مفتي القدس الحضارة الغربية ليست هي مثال
الشيخ أمين الحسيني أحد أعلام )٢٤ الكمال ،بمثل ا ِّدعاء العقل الرجعي
عن ماضيه المقدس وأهله ،وأن
الرجعية الدينية مع هتلر ضد الغرب الصهيوني لهذه الحضارة سلبياتها مثل
اليهود ،وبعضهم ينكر الإبادة كل تجربة بشرية ،وأنها رغم
الجماعية النازية لليهود ،ثم إنهم خلاصة الموقف الغربي من كل شيء -ورغم أنف الرجعية
الصهيونية هو المصلحة .ولا الدينية -الأكثر تفو ًقا على كوكب
ينعتون الغرب بالصهيوني. يفرق العقل الرجعي بين الدين الأرض حاليًا ،ولا غنى عنها ،فإنها
ولعلنا نخوض في مقال آخر أي ًضا مميزة بوجود آليات داخلية
في التفاصيل حول هذا الوصف والقومية في كلمات اليهود للنقد والمساءلة ،لهذا مث ًل ظهرت
الرجعي للغرب ضمن تناولنا لما واليهودية والصهيونية ،ربما
يمكن وصفه بالعقدة اليهودية في يعكس هذا حقيقة الرجعية الدينية
ذاتها التي استعارت المفاهيم
الرجعية الدينية
هوامش:
-1يقال إن الإلغاء الرسمي في مصر لدفع الجزية للدولة العثمانية «تركيا» كان في ١٩٥٤ورغم حاجة هذه المعلومة إلى البحث للتي ُّقن من صحتها فإنها لا تبدو
غريبة على العقل المصري الرجعي بطبعه.
-2دام الاحتلال الفرنسي نحو ثلاث سنوات ،وقاد شيوخ الأزهر ثورتي القاهرة الأولى والثانية ،تق َّدم الشيخ عمر مكرم «اللواء النبوي»! في أحد مشاهد
المقاومة ،كانت المسألة رجعيًّا هي الجهاد ضد الكفرة ،لم يكن الوعي المصري قد تط َّور ليعرف الهوية المصرية بعي ًدا عن اعتبار مصر جز ًءا من الكيان الرجعي
الذي مثله وقتها الاحتلال العثماني باسم بالخلافة.
-3لعل هذا يسهم في تفسير العلاقة الحارة بين كثير من أطياف الرجعية الدينية خاصة السياسية منها وتركيا «العثمانية» حاليًا .وعمو ًما رغم تنوع تلك
الأطياف فإنها تتفق على استلاب مصرية مصر لصالح الانتماء للكيان الرجعي.
-4مرة أخرى يبدو أن الشخصنة كامنة وراء هذا النهج ،حيث يوصف الغرب ذاته بتلك الأوصاف ،ليس فقط خلا ًفا للواقع ولكن أي ًضا تجاو ًزا للتفاعل أو
التحاور مع القيم الغربية بشأن الجنس.
-5الاكتئاب مصطلح علمي لمرض عقلي عضوي الأساس؛ لكنه يستعمل رجعيًّا عادة بالسيولة العقلية بمعنى التعاسة .وتميل الرجعية الدينية للتناول الاختزالي
السطحي والانتهازي المنحاز ،هناك تفسير من الرجعي بطبعه لكل حال بما يخدم أهدافه وجموده.
-6والملاحظ أن كلمة الروحانيات غير محددة المعنى ،ويكاد يكون معظم القصد منها عقل الخرافة الغيبي وغياب التفكير العلمي.
-7يكاد يكون معظم القصد من كلمة مثل الروحانية عقل الخرافة الغيبي وغياب التفكير العلمي ،إلا أننا تو َّسعنا في المدلول ليشمل «المعرفة» عن طريق الحدس
وبهذا فإنها تشمل الفن.
-8هناك اعتقاد رجعي له أصول نصية كثيرة بأن «الكفار» يدركون حقيقة أن الإسلام هو دين الحق؛ لكنهم ينكرون.
-9آلية التناكح والتكاثر ذاتها أساس تزايد أعداد المسلمين في العالم ،وهذا أي ًضا مصدر فخر ومفاخرة واستقواء عند َح َم َلة العقل الرجعي.
-10بالتكوين العكسي والإسقاط النفسي ُيتهم كل مفكر حر معارض للمنظومة الدينية الرجعية بالعمالة لجهات أجنبية غربية والتمويل منها.
-11الكراهية والانتقام والإغاظة والشماتة أخلاق دينية رجعية أساسية ،وعادة تتكامل مع خصائص رجعية أخرى مثل عداء الفن ،فيمكن هنا الشماتة في إصابة
فنان بالسرطان واعتبار هذا انتقا ًما من الله.
-12وتم تحديث المفهوم؛ هناك ماجستير ودكتوراه ،ويمنح لقب دكتور في الأزهر لحفظة العلوم الدينية النقلية ،ويقال عالم أزهري ،وعالم دين.
-13كغرابة تعظيم الرجعي بطبعه لطغاة تاريخ الكيان الرجعي ،لدرجة التقديس ،مقابل التر ُّبص المغرض بنظرية الحشاشة للحكام في العصر الراهن.
-14وصف أحد أعلام الرجعية والإرهاب إحدى انتخابات ما بعد ثورة يناير بغزوة الصناديق.