Page 144 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 144

‫العـدد ‪١٩‬‬                              ‫‪144‬‬

                                     ‫يوليو ‪٢٠٢٠‬‬

‫محصو ًرا في مؤلفات هامشية‪ ،‬بل‬             ‫خلط الأوراق‪ ،‬يخلط السياسي‬             ‫مساجد القاهرة القديمة!! حتى‬
‫هو السائد وله أعلام بعضها شديد‬             ‫بالثقافي بالديني بالعسكري‬          ‫مناهج التعليم في مصر تتجاهل‬
                                                                            ‫أحقا ًبا من التاريخ المصري خاصة‬
  ‫الرجعية مثل كتب أنور الجندي‪،‬‬          ‫بالتاريخي‪ ..‬وصو ًل إلى شيطنة‬        ‫الفرعوني لصالح حقبة حكم الكيان‬
  ‫ويقول محمد الغزالي عن الغرب‪:‬‬              ‫الغرب‪ ،‬والتأكيد على تآمره‬
                                                           ‫السرمدي‪.‬‬                                ‫الرجعي‪.‬‬
    ‫«لم ينس يو ًما كراهيته العميقة‬                                           ‫الإشكال الكبير ح ًّقا أمام العقل‬
  ‫للإسلام ورغبته الهائلة في وأده‬        ‫وطبيعي أن تخطط كل الدول‬              ‫الرجعي هو في الحضارة الغربية؛‬
  ‫بعد توهين الخلافة الإسلامية»!!‬        ‫‪-‬بما فيها دول الغرب‪ -‬وتسعى‬          ‫لأنها هي المزدهرة حاليًا‪ ،‬لا يمكنه‬
  ‫وبنى الشيخ ويقال دكتور محمد‬          ‫لتحقيق مصالحها‪ ،‬البعض ينجح‬
  ‫عمارة الذي بنى في عقود طويلة‬                                                  ‫التسلُّط عليها واستلاب أرضها‬
  ‫عال ًما ضخ ًما من ضلالات التآمر‬         ‫في الوصول لأهدافه والبعض‬               ‫وشعوبها‪ ،‬ولا يمكن تجاهلها‪،‬‬
  ‫الإمبريالي الصهيوني الماسوني‬              ‫يفشل‪ ،‬نتمنى عال ًما يسوده‬           ‫ولا طمسها كما حدث ويحدث‬
  ‫على الكيان الرجعي‪ ،‬وقد أفرزت‬                                                 ‫ضد مصر والحضارة المصرية‬
‫نظرية المؤامرة من أفواه أمثال هذا‬       ‫التعاون؛ لكن الحاصل هو مزيج‬             ‫القديمة‪ ،‬فينبري العقل الرجعي‬
  ‫الشيخ ضلالات تكديس الأسلحة‬              ‫من الصراع والتعاون وتبادل‬         ‫بد ًل عن ذلك لتفاعل مشوه أساسه‬
                                                                                 ‫‪-‬كما فصلنا‪ -‬النظر للماضي‬
           ‫والذخائر في الكنائس‪.‬‬        ‫المصلحة بأشكال مختلفة حسب‬               ‫بوهم التفوق الغابر على أوروبا‬
                                          ‫الظروف‪ ،‬ولا يمكن تصور أن‬           ‫التي كانت غارقة في «ظولومات»‬
          ‫‪)١٨‬‬                                                                  ‫العصور الوسطى‪ ،‬وما كان لها‬
                                     ‫تتحكم في كافة التفاصيل مجموعة‬             ‫أن تنهض بدون أنوار الحضارة‬
‫غزو الغرب خاصة أوروبا‬                ‫متآمرين بزعامة غربية في «مجلس‬
     ‫بالهجرة والتكاثر‬                                                                              ‫الرجعية‪.‬‬
                                        ‫إدارة العالم»‪ .‬هناك صيغ كثيرة‬
  ‫يمكن اعتبار هجمة المهاجرين‬              ‫غير الصراع يمكن أن تتخذها‬                   ‫‪)١٧‬‬
      ‫من َح َم َلة العقل الرجعي على‬        ‫العلاقة بالآخر الغربي‪ ،‬منها‬
                                                                                 ‫المؤامرة الغربية‬
‫الغرب تحديثًا لل ُّسنة التاريخية في‬    ‫التعاون وتبادل المنفعة‪ ،‬والتأثير‬
‫هجوم القبائل الصحراوية الخشنة‬                       ‫والتأثر‪ ،‬إلى آخره‪.‬‬          ‫هناك مؤامرة غربية مفتوحة‬
                                                                                    ‫على الكيان الرجعي ويقال‬
  ‫على الحضارات المستقرة‪ ،‬حيث‬                ‫يتكامل شعور الاضطهاد‬
 ‫كان النصر في الحرب يعتمد على‬           ‫والاستعلاء «العظمة» مع التآمر‬           ‫الإسلام والمسلمين‪ ،‬يفسر بها‬
  ‫الجرأة وامتلاك العدد الكافي من‬        ‫لتكوين مركب البارانويا‪ .‬تناولنا‬         ‫العقل الرجعي كل شيء‪ ،‬حتى‬
                                        ‫هذا ساب ًقا وبيَّنَّا كيف تحول إلى‬     ‫التخلف الذي يعيش فيه‪ ،‬ويضم‬
    ‫المحاربين‪ .‬والمعنى هو هجوم‬                                               ‫لعناصرها تحابيش حسب الحالة‪،‬‬
    ‫جماعات بشرية أقل تطو ًرا في‬           ‫بنية تفكير‪ .‬والتفكير التآمري‬           ‫كالماسونية‪ ،‬والصهيونية‪ ،‬بل‬
    ‫العقل والضمير على حضارات‬                 ‫«البارانويدي»‪ ،‬موجود في‬             ‫والمختلفين كالأقليات العرقية‬
                                                                                 ‫والدينية‪ ،‬وأهل العقل وأنصار‬
      ‫مزدهرة سبقت بخطوات في‬            ‫الأصوليات الدينية الأخرى‪ ،‬وقد‬         ‫العلمانية والليبرالية الذين يصفهم‬
    ‫التطور العقل‪ ،‬لتكون المسيرة‬          ‫أنتج ‪-‬في الأصولية المسيحية‬          ‫العقل الرجعي بـ«العمالة للغرب»؛‬
                                        ‫مث ًل‪ -‬مؤلفات من قبيل «أحجار‬        ‫لأنهم لا يتفقون مع موقفه العدائي‬
       ‫البشرية موحدة أو متقاربة‬          ‫على رقعة شطرنج»‪ ،‬و«حكومة‬               ‫مبدئيًّا ضد الحضارة الغربية‪،‬‬
     ‫المستوى الحضاري‪ ،‬أو ربما‬            ‫العالم الخفية»‪ ،‬وقد تبنَّى العقل‬        ‫على اعتبار أن الأولى بهم أن‬
      ‫لتضييق الفجوة بين المتقدم‬         ‫الرجعي هذه المؤلفات‪ .‬وشيوع‬          ‫يكونوا عملاء لماضي صحراء نجد‬
 ‫والمتخلف من الجماعات البشرية‪،‬‬                                              ‫والحجاز‪ ،‬ويستطيع العقل الرجعي‬
 ‫وإن يكن هذا بتعطيل المتقدم أكثر‬      ‫فكر المؤامرة في أصوليات أخرى‬
    ‫من كونه عبر اللحاق بالمتقدم‪،‬‬      ‫لا يقلل من خطره عندنا‪ ،‬بل هناك‬
     ‫كما حدث في هجمات المغول‬
   ‫كالإعصار مكتسحين العالم بما‬             ‫فارق جوهري أنه لدينا متن‬
                                     ‫هوامشه أسوأ وأضل‪ ،‬فليس هام ًشا‬
                                     ‫لمتن من الحداثة العقلية كالحاصل‬

                                             ‫في الغرب‪ ،‬ليس طار ًئا ولا‬
   139   140   141   142   143   144   145   146   147   148   149