Page 141 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 141
تجديد الخطاب 1 4 1
لها العمق الحضاري للشعوب تحول في العصر الحديث إلى عقبة باستعمال الدين ،وتسلم رايته
التي انحدروا منها ،لم يكن معوقة بتناقضه مع الإدراك العلمي الأتراك بتنويعاتهم المختلفة،
نستهدف كبح جماح الاستعلاء
العامل المحرك لقرائحهم هو قيم للوجود.
الرجعية الدينية العاصفة من تلك ولو كان الدين هو المحرض الديني القائم على التدليس
على الحضارة فما هي نواحي والاختلاق والكذب ومصادرة
الصحراء .والمنجزات العلمية التقدم الحضاري في معظم فترة التاريخ لصالح الماضي الرجعي،
المضخمة رجعيًّا لم يجدها «علماء لتكون كل نعمة هي من عند ذلك
الحضارة الإسلامية» مكتوبة في وجود الكيان الرجعي خاصة الماضي وكل شر فمن عند أنفسنا
القرآن والأحاديث ،بل إن أساسها القرون الأولى المفضلة رجعيًّا؟
موروثات حضارات سابقة خاصة لماذا يغيب كل أثر حضاري لمكة وطب ًعا الغرب الشرير.
الحضارة اليونانية «الوثنية» التي والمدينة والطائف وغيرهم من ولو صح أن ننسب لكل
التجمعات الصحراوية في منبع محتل منتجات الشعوب المحتلة
هي أساس النهضة في أوروبا. الحضارية لكان علينا أن ننسب
ويقال رجعيًّا إن الإسلام التوسع الاستعماري وأصل منتجات مصر تحت الاحتلال
-والمراد رجعيًّا ماضي شبه الكيان الرجعي؟ نشأت الحضارة الإنجليزي للإنجليز ،فينسب
لهم مث ًل نبوغ طه حسين وسيد
جزيرة العرب -هو الذي جمع المصرية في مصر ،الحضارة درويش وعلي مصطفى مشرفة.
الشامي والمغربي والتركي اليونانية نشأت في اليونان، ولو صح أن ننسب الحضارات
لأديان أهلها فلم لا ننسب الحضارة
والفارسي والمصري تحت مظلة الحضارة تبدأ في المركز وقد الفرعونية لدين مصر القديمة.
الكيان الرجعي ،كأن ذلك الجمع قد تنطلق منه وتمتد للأطراف ،ما وكذلك لو صح الوصف الرجعي
تم باتفاق هؤلاء لا قه ًرا بالسيف، الجديد الذي قدمه مركز الكيان للغرب حاليًا بالصليبي؛ لكان واجبًا
الرجعي للإنسانية في السياسة أن ننسب حضارته للمسيحية .ليس
وكأن الصراعات الدامية لم تمتد والاقتصاد ،والعلوم الطبيعية بالدين وحده تنشأ الحضارات .في
على أسس قبلية ومذهبية وطائفية والمعمار والفنون والآداب ،ما كل حضارة تجليات دينية ،وربما
الآثار الباقية؟! هل كان هناك علماء كان دور الدين مه ًّما للحضارة
وعرقية داخل الكيان الرجعي رياضيات أو كيمياء بين الصحابة بفترات مبكرة من تطور العقل
من بدايته لنهايته .وإنما الذي والتابعين؟! لا لم يكن ،ولا نقول والضمير خاصة في الحضارات
شمل الجميع ح ًّقا هو الاستلاب بأنه كان ينبغي أن يكون؛ لكن هذا القديمة والعصور الوسطى؛ لكنه
والمصادرة لصالح الرجعية ما يترتب على الدعاية الرجعية التي
الدينية على مر الزمان وعلى كل تع ِّمم فترة حضارية قصيرة على
مستوى حتى الأفراد .بل صودرت كامل التاريخ التوسعي والدموي
لصالحها منجزات أدبية وفلكلورية
مثل «كليلة ودمنة» ،و«ألف ليلة للكيان الرجعي.
وليلة» رغم أنها ذات أصول من ويحفظ َح َم َلة العقل الرجعي
خارج الصحراء الرجعية ،وفي أسماء مجموعة من «العلماء» ،لا
العصر الحديث حاول بعض أتباع يملون من ترديدها وتحفيظها
تلك الصحراء ،منع إصدار هيئة لأطفال المدارس ،و ُيلاحظ تغييب
قصور الثقافة في مصر لطبعه أسماء نبهاء وأفذاذ غير مسلمين
كاملة من «ألف ليلة وليلة» التي هي
شر ًعا -حسب الرؤى الرجعية -ما كابن بختيشوع وإسحق بن
بين اللغو والباطل والضلال. حنين وثابت بن قرة .ولمعظم
والرجعية الدينية ذاتها كمنظومة هؤلاء العلماء -حتى في مجالات
مفاهيم محبطة للعقل حالت دون مثل اللغة العربية -أصول من
ازدهار حضاري شامل في كامل خارج الصحراء العربية ،بعقول