Page 138 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 138

‫العـدد ‪١٩‬‬                             ‫‪138‬‬

                                    ‫يوليو ‪٢٠٢٠‬‬

‫رجعيًّا كانتصارات الغزوات ودلي ًل‬   ‫أن دائرة المعارف البريطانية أثبتت‬           ‫العصور الوسطى‪ ،‬وبآليات‬
    ‫على جمال الإسلام وحلاوته‪،‬‬        ‫سبق الخطط الحربية التي وضعها‬           ‫العصور الوسطى كذلك‪ ،‬وأهمها‬
      ‫وزيادة في انتشاره كعصبة‬        ‫خالد بن الوليد على أحدث الخطط‬
                                                                              ‫الإرهاب‪ ..‬هكذا صدرت فتوى‬
‫عقائدية؛ لأنه دين الحق‪ ،‬وهذا كله‬       ‫العسكرية في الغرب‪ .‬ولا تخرج‬             ‫الخوميني بإهدار دم سلمان‬
   ‫ضمن الشعور بالانتماء للكيان‬              ‫قبل أن تقول سبحان الله‪.‬‬           ‫رشدي‪ ،‬وهاجم مسلحون مقر‬
     ‫الرجعي القائم على العصبية‬
                      ‫العقائدية‪.‬‬              ‫‪)١٢‬‬                                      ‫جريدة شارلي إبدو‪.‬‬
        ‫ولم ينتشر الإسلام في‬
    ‫أوروبا وأمريكا باقتناع الناس‬     ‫انتشار الإسلام في أوروبا‬                       ‫‪)١١‬‬
   ‫هناك ودخولهم فيه‪ ،‬لكن بتزايد‬               ‫وأمريكا‬
    ‫المهاجرين والتناكح المتكاثر‪.‬‬                                               ‫الاحتكام للغرب‬
    ‫هذا والمفاخرة بالعدد مرتبطة‬      ‫يطيب للعقل الرجعي الزعم بأن‬
    ‫بفهم ماضي الصحراء العربية‬         ‫الإسلام هو الدين الأكثر انتشا ًرا‬    ‫يمكن النظر لعبارة‪« :‬في أوروبا‬
   ‫لمعنى القوة(‪ .)9‬وإذ يهلل حملة‬      ‫في الغرب‪ ،‬ويتو َّرم فخ ًرا بإسلام‬     ‫والدول المتقدمة» كأحد منتجات‬
   ‫الرجعي بطبعه وينتشون فر ًحا‬      ‫أحد المشاهير في أوروبا وأمريكا؛‬           ‫عقدة الغرب في العقل الرجعي‬
  ‫بخبر تخصيص نا ٍد ألماني كبير‬         ‫لهذا مث ًل انقلبت الدنيا في مصر‬
  ‫غرفة أو زاوية لصلاة المسلمين‬                                            ‫الذي يميل رغم كراهيته للغرب إلى‬
                                           ‫عند إعلان محمد علي كلاي‬           ‫الاستشهاد به في بيان مزاعمه‪،‬‬
 ‫داخله‪ ،‬فلا أحد يتصور أن ينشئ‬        ‫إسلامه‪ .‬وبسهولة تنتشر شائعات‬             ‫هذا أكثر وضو ًحا في ادعاءات‬
 ‫أحد الأندية المصرية ركنًا لصلاة‬     ‫زائفة بين َح َم َلة العقل الرجعي عن‬   ‫«الإعجاز العلمي»‪ ،‬التي على حين‬
  ‫غير المسلمين‪ ،‬وإن كان لا يترك‬     ‫دخول هذا أو ذاك في الإسلام‪ ،‬مثل‬         ‫تسعى لإثبات أن كل شيء مثبت‬
                                    ‫نيل أرمسترونج أول إنسان يخطو‬              ‫في القرآن من قبل أن يكتشفه‬
      ‫منشأة حتى المدارس بدون‬                                                   ‫الغرب‪ ،‬فإنها تستدعي الغرب‬
 ‫تخصيص زاوية للصلاة إن ليس‬              ‫على القمر الذي زار أحد البلاد‬         ‫بمنطق «شهد شاهد من أهلها»‬
   ‫مسج ًدا بلوازمه من مئذنة وقبة‬     ‫الإسلامية وسمع الأذان وقال إنه‬
                                       ‫سمعه على القمر فأسلم وح ُسن‬        ‫للتأكيد على صدق مزاعم الإعجاز‪،‬‬
                 ‫وميكروفونات‪.‬‬                                               ‫وهكذا تقر مراكز بحثية أوروبية‬
                                          ‫إسلامه‪ ،‬الأذان نفسه سمعته‬         ‫فوائد بول البعير‪ ،‬وأكدت جامعة‬
         ‫‪)١٣‬‬                          ‫رائدة فضاء أخرى ُتدعى سوناتا‬          ‫جنوب الدانمرك ما سبق أن أكده‬
                                    ‫ويليامز‪ ،‬فأسلمت وحسن إسلامها‪،‬‬
        ‫نشر ثقافة‬                                                         ‫عالم الأجنة الكندي «كيث مور» عن‬
‫ماضي شبه جزيرة العرب‬                      ‫مثلما أسلمت باريس هيلتون‬         ‫إعجاز القرآن حول تكون الجنين‪،‬‬
                                      ‫وحسن إسلامها‪ ،‬وأنجلينا جولي‬              ‫أما حجب وكالة ناسا لمعجزة‬
   ‫ارتبا ًطا بالبند السابق‪ ،‬تجند‬    ‫وحسن إسلامها‪ ،‬ومايكل جاكسون‬            ‫شق القمر فهو من قبيل المؤامرة؛‬
       ‫الرجعية الدينية أتباعها في‬      ‫ح ُسن إسلامه‪ ،‬وروان أتكنسون‬
                                     ‫«مستر بين» حسن إسلامه‪ ،‬وويل‬          ‫لأنهم في الغرب يكتمون الحق وهم‬
 ‫الغرب لفرض ما أمكن من مظاهر‬        ‫سميث حسن إسلامه‪ ،‬بل كتم البابا‬                                ‫يعلمون‪.‬‬
  ‫دينية رجعية على الواقع الغربي‬       ‫بينديكت السادس عشر إسلامه!!‬
 ‫باستغلال القيم الغربية الليبرالية‬                                          ‫هذا‪ ،‬وتجتهد الرجعية في بيان‬
                                        ‫هكذا تكثر شائعات إسلام أحد‬             ‫سبق ماضيها المقدس للغرب‬
    ‫وضد القيم ذاتها التي هاجروا‬         ‫الأعلام الغربيين في السر (‪.)8‬‬
  ‫للعيش في رحابها‪ .‬إنهم يسعون‬          ‫ويشت ُّد الفرح والفخر بإنشاء‬         ‫في كل شيء ممكن‪ ،‬والأمر يبدو‬
  ‫بنشر الرجعية الدينية إلى إعادة‬      ‫مسجد أو مركز إسلامي أو رفع‬              ‫مثي ًرا للسخرية والضحك؛ لكنه‬
                                      ‫أذان في مدينة أوروبية‪ ،‬أو داخل‬
      ‫إنتاج الواقع الذي فروا منه‪.‬‬       ‫إحدى الجامعات أو أحد الأندية‬       ‫ممكن رغم كل شيء حيث كالعادة‬
 ‫ولأن المنظومة الرجعية متكاملة‪،‬‬          ‫هناك‪ُ .‬ينظر لمثل تلك الأشياء‬        ‫لا تقول الرجعية الدينية ماضي‬
                                                                             ‫صحراء نجد والحجاز بل تقول‬
    ‫لا يشعر حملة الرجعي بطبعه‬                                                  ‫الله أو الرسول أو الإسلام أو‬

                                                                           ‫الصحابة‪ ،‬حتى إن بالإمكان الزعم‬
   133   134   135   136   137   138   139   140   141   142   143